1. اختيار الفكرة
2.حياكة القصة
3.رسم معالم الشخوص – الايقاع – موسيقية الكلمة في الحوار
4.ايجاد الفعل
5.تبرير الفعل
6.تسلسل المشاهد والاحداث المتلاحقة
7.الحل – النهاية (حزينة او سعيدة )
اذا سئل احد الكتاب من كتاب النصوص المسرحية عن تفاصيل الكيفية التي بها يكتب مؤلفاته ونصوصه المسرحية ، ستكون اجابته بانه لا يعلم بكيف وبماذا سيبدأ كتاباته ولا بكيف وبأي مشهد سينهي كتابة نصه المسرحي .
لانه وكما يعلم الجميع ان اي نص مسرحي او كتابة نصوص ادبية هي مضمون لافكار الكاتب ، وكذالك هي حصيلة تجاربه الخاصة المكتسبة والانية من الثقافة الخاصة والعامة، اضافة الى تاثيرات الاجواء والمراحل الظرفية التي تؤثر على تمخضات افكاره وتجسيدها عن طريق الشخوص التي يسخرها من اجل خدمة هذه المضامين الفكرية ان كانت جادة او ساخرة او مابين بين، ولهذا حتى الكاتب نفسه لا يعلم شيئا عن بداية كتاباته، اي كيف سيكتب، اي كيف سيبدأ الكتابة، لانه يندفع بالكتابة وفقا لخياله ودوافعه الفوقية في تجسيد افكاره، فتاتي عطائاته وابداعاته وفق الخيال والتخيل في مرحلة الكتابة اضافة الى تفاعلاته مع الاحداث المستحدثة وتعاطفه مع الشخصيات التي يخلقها ويسخرها من اجل تجسيد افكاره ان كانت سلبية ام ايجابية، وعليه، هو سيتفاجأ بالبداية والنهاية التي تنتهي بالحل وعن طريق نهاية اما ان تكون نهايتها سعيدة او مأساة.
ففي احد الايام جائني احد المهتمين بالكتابة للمسرح من الهواة وهو يطلب مني طلبا غريبا مني وهو ان اكتب له نصا مسرحيا شرح لي فكرته بشكل مختصر وسردي، وقد ترجاني ان اساهم في هذه الكتابة دعما له، لانه وكما قال انه يحب المسرح ويحب الكتابة للمسرح، فتاملته قليلا فشاهدت علامة البراءة مرسومة على وجهه وانا في حيرة من امري حرصا مني على ان اجيبه الاجابة التي لا تجرح مشاعره ولا تردعه بعنف عما يفكر به وهو يحمل من الحب والعشق للكتابة للمسرح، انما بادرته بالسؤال قائلا: اخي العزيز، هل ينطبق اسمك مع اسمي ويلتقيان بنفس الحروف العربية؟
فاجابني كلا، وبادرته بالسؤال الثاني، هل عمرك بمستوى عمري وخبرتك متطابقة مع خبرتي؟
وارائك الفكرية هي نفس ارائي وافكاري؟
ومشاعرك، واحاسيسك، هي نفس الاحاسيس والافكار؟ والمعاناة التي اعانيها هي نفس معاناتك؟
فاجابني بالنفي، فقلت، اذن كيف ستتطابق كتاباتي من الافكار والمشاعر والاحاسيس والمعاناة والتي لا تتفق مع ماتملك مما املك منها؟
فاجابني وبشكل فيه من التوسل والرجاء (ميخالف استاذ، انت ماراح تكتب شي موزين) فضحكت على سذاجته، حيث ذكرني بشخص على انه من الكتاب المحترفين حينما اعطاني اسم لفكرة ما ليطلب مني ان اكتب له مسرحية لجهة ما كان مسؤولا عنها معلنا انها من تاليفه، وي عجبا لسذاجة مثل هذه النماذج والتي تدعي الثقافة والادب والاثنين بعيدان عنه، اعود لصاحبي البريء والذي اضحكتني سذاجته وانا اطيب خاطره بكلمات مهذبة مع شرحي له عن فن كتابة النصوص المسرحية، واذا به يقدم لي اعتذاره بعدما تعرف على كيفية صياغة وكتابة النصوص المسرحية.
اذن لنتعرف على عالم الكتابة لمثل هذه النصوص ونتسائل في البدء باسئلة تمكننا من الوصول الى معرفة الكتابة للنصوص الادبية والمسرحية ونبدأ بسؤالنا كمفتاح للمعرفة عن كيفية الكتابة وهي، كيف ستكون محاولتنا الاولية في الكتابة ، وكيف سنصيغ افكارنا في داخل اطار يتضمن مشاهد واحداث وشخوص للنص المسرحي؟
اولا علينا ان نتعرف على عالم فن الكتابة
فلو تجولنا في صفحات جميع المجلدات المطبوعة منذ القدم ولاسيما في مرحلة تتضمن ثقافة وتجربة الكتاب الاولين من كتاب العصور الاولية وما دونوه من النصوص الادبية وما نسجوه من حروف سطرت ملاحم الالهة الوثنية اضافة الى تجسيدهم سلوكية وافكار ابطالها ومعتقداتها الدينية لتوقفنا عند شكل من اشكال الكتابة التي هي عبارة عن اشعار وقصائد لاساطير الالهة الاغريقية واليونانية.
كانت الكتابة تتضمن الطقوس باشكالها التي يؤمن بها مجتمعات تلك المرحلة الزمنية من معتقدات دينية وثقافية، انما هذا الحال تغير وتطور في عصور لاحقة من حيث اسلوب الكتابة وحتى اشكال طرحها ورواياتها وقصصها ومضمون افكارها استنادا الى تطور المراحل اللاحقة من الازمنة المتلاحقة والتي شملت الحالة الثقافية والدينية والاجتماعية، وطرحت افكارا بديلة عما كانت سائدة ضمن المراحل السابقة، بحيث ان مايجسده الكاتب في مؤلفاته ضمن هذه المرحلة اللاحقة افكارا بديلة عما كان مطروحا في السابق ومتماشيا مع ماتوصل اليه المجتمع من المرحلة اللاحقة من الثقافة والمعتقدات الدينية، بحيث اصبح مايجسده الكاتب في مؤلفاته يتفق مع الوضع الراهن لتطور ماتوصلت عليه تلك المجتمعات من الثقافة والفن المتطور في الكتابة واسلوب الطرح، بحيث اصبحت الكتابات المطروحة هي الدليل للثقافة التي يطرحها المؤلف من اجل المساهمة في خلق حالة من حالات التغيير والتطوير في اسلوب الطرح اضافة الى تطور اسلوب فن الكتابة والتي تضمنت الافكار الثقافية والعقائد الدينية والسياسية، وكل طرح لا يشبه الطروحات الاخرى باختلاف مايطرحه كل مؤلف يؤمن بطرحه.
ولهذا يمكننا تقسيم نوعية اساليب الكتابة وعلى ضوء العصور الماضية والمعاصرة وافرازاتها بدأ من العصور الاغريقية واليونانية ماقبل الميلاد، وما اعقبها من تطور الطابع الاسطوري والملحمي والمعتقدات الدينية الوثنية، وسياسة العشائر القبلية البدائية، واعقبتها مرحلة النهوض الفكري والاجتماعي والزراعي والصناعي، وهذا التطور شمل اساليب الكتابة للنصوص المسرحية بحيث تميزت وتطورت في عصر النهضة الاوربية وعلى ايدي العديد من كتاب تلك المرحلة بدءأ من العصر الاليزابيتلي وعصر النهضة في المانيا حيث شمل هذا التغيير في الاسلوب والطرح وتناول الافكار المتطورة والتي تتماشى مع افكار تلك المرحلة الظرفية من التطور الاجتماعي والصناعي والزراعي، بحيث اثرت تاثيرا في تغيير اساليب كتابات معظم كتاب العالم في روسيا والمانيا وفرنسا وبريطانيا، وقد اثر هذا تاثيرا كبيرا في الطرح من خلال تلاحق الافكار الفلسفية والماركسية والوجودية والديانة التوحيدية والتي انتشرت اعمالها في الكنائس الكاثوليكية، اضافة الى الافكار اليسارية والتي احدثت ثورة فكرية بين شرائح العمال الغاضبة والثائرة على الاوضاع المتردية من حيث الظرف الاقتصادي والثقافي والسياسي.
- ماهي المقومات والعناصر الاساسية في كتابة النص المسرحي
ان تكون لدى من يرغب في الكتابة للمسرح حبا وشغفا للكتابة. وان يملك من الاطلاعات الثقافية وموهبة فطرية في فن كتابة النص المسرحي.
من الضروري استحضار الفكرة الاساسية كمضمون.
ان يهيىء الكاتب القالب الادبي والذي فيه يصيغ مضمون الفكرة الاساسية في محتوى القالب الادبي، اي المضمون الفكري.
ان يحسن اختيار اسلوب كتابة القصة والتي سيجسدها وعن طريق شخصيات النص والمشاهد، وخلق من خلالها عناصر التشويق والشد، وتنامي الصراع ومن خلال شخصيات مرسومة المعالم بشكل متقن، تملك من جمال التعبير اللغوي وفن في الالقاء واللفظ الصحيح، وبالقاء يؤكد على اكتشاف المعنى المستتر ماخلف السطور كي يصل مفهوم الجملة الفكرية والفلسفية الى المتلقي بشكل مفهوم وواضح.
فنحن ان استطعنا ايجاد الفكرة وطرحناها من خلال العرض المسرحي، فالمفروض ان نجد الشكل الادبي لاحتواء المضمون، اي الفكرة الاساسية لطرحها من خلال النص المسرحي، وهذا يتطلب من الكاتب ان يخلق الشكل الادبي وبما يتفق مع جمالية التعبير والانبهار من اجل خلق حالة التلاحم مابين المتلقي والعرض المسرحي، ومن الطبيعي هذا لا يتم ان لم يرسم المؤلف شخصياته باتقان ويراعي في اسلوب رسمه معالم تكوينها الاجتماعي والثقافي والنفسي، فمن تباين رسم معالم الشخصيات يطرح المؤلف الافكار السلبية والايجابية وعن طريق شخوص النص المسرحي.
وهنا ياتي دور الحوار المتقن والجميل والبليغ، من حيث اختيارات مفردات الكلام الجميل والذي تستسيغها اذن المتلقي، اي حوار فيه من الحبكة وصياغة جميلة لتجسيد المعنى الفكري والفلسفي، وعكس الاحاسيس والمشاعر الانسانية في الوقت نفسه، اضافة الى حوار يتضمن ايقاع يعتمد على بناء الفعل المتحرك والمتنامي وعن طريق بناء الجمل الحسية والحوار الذي يساعد الممثل على ايجاد وخلق الصراع من اجل خلق عنصري الشد والتشويق، هذين الفرعين من الحوار اي النوع السلبي والايجابي، ستقودها شخصيات تتسم بمواصفات حوارها ان كانت في السلب او في الايجاب، وعلى ضوء رسم هذه المعالم للشخصيات ستتطور الاحداث وينتج عنها صراع متنامي من خلال الدايولوجات الجميلة والمعبرة والتي تتضمن الافعال الداخلية والتي من شانها ان تساعد على تجسيد ردود الافعال الانعكاسية لينتج عن كل هذا مراحل تطور الاحداث والمشاهد ووصولا الى الحل والذي غالبا ماتنتهي النهاية بنهاية سعيدة او ماساوية، او قد تنتهي بميلودراما والتي تتضمن النهاية السعيدة والماساوية معا.
هناك بعض الكتاب الذين يقومون بنقل وقائع واقعية وحقيقية متاثرين بها اي في احاسيسهم لتخلق لديهم رؤية فيها من جمالية التعبير، فمثل هؤلاء الكتاب قد يعبرون عن رؤياهم الخاصة والذاتية، ولربما ان تكون هذه الرؤية الناضجة لا تعجب بقية اقرانه من الكتاب، او قد لا تعجب شريحة خاصة من شرائح المجتمع، فمثل هذا لا يمكن ان تحدد هوية الكاتب واسلوبه في الكتابة، المهم في الكتابة هو طرح مايؤمن به الكاتب ويعتقده الصحيح في الطرح، فقد ياتي زمن فيه يكون هذا الكاتب قدوة ونموذج لاعجاب العديد من الكتاب والمثقفين وكما حدث لشكسبير وتشيخوف وبرنادشو ومولير، بالظبط كما حدث لبريشت في مسرحيتيه الاولى (القائلون نعم، والثانية القائلون لا).
لقد كتبوا ومما يؤسف له ان كتاباتهم لم يستسيغها اقرانهم من كتاب عصرهم من الكتاب، ولم يتقبلها المجتمع ولم تلقى ترحيبا ورواجا لها في وقتها، ولكن في الازمان اللاحقة من عصر النهضة، اي مابعد عصور هؤلاء الكتاب نالت كتاباتهم قسطا شاسعا من الاعجاب واعتبرت على انها نوعا من انواع التطوير في اسلوب الكتابة والصياغة الدرامية، وقد جائت توصيات معظم النقاد انه من الضروري ان يقتدى بكتاباتهم، ولهذا جائت اقوال معظم الكتاب للنصوص المسرحية (على انهم يفكرون بما يؤمنون به، ويعتقدونه الصواب في المعالجة، ولا يهمهم ماسينتج عنه من نجاح كتاباتهم في المرحلة التي يعيشونها، فلربما ان هذا النص سياخذ نصيبه من الاعجاب في ازمنة لاحقة وقد لا يشاهد الكاتب ثمار جهده لانتقاله الى العالم الاخر ) انما تبقى ماثره الفنية والادبية مؤثرة في الاجيال اللاحقة، وكما حدث لمعظم كتابنا من امثال شكسبير وكتاباته وكذالك ماحدث لنصوص هوميروس وسوفوكليس واسخيلوس في الاساطير والملاحم التي كتبوها مثل اوديب ملكا وانتيكونا والالياذة والاوديسا-- الخ.
من المفترض مراعات الكتاب الثيمة الاساسية التي يؤمنون بها، وان يراعون رسم معالم الشخصيات ان كانت شخصيات مركبة او بسيطة، اضافة الى مراعاته صياغة الحوار الجميل، ورسم الشخصيات بردود افعالها وتجسيد افكارها الايجابية والسلبية ليستطيع خلق نصا فيه من جمالية التجسيد في الحبكة التي يساعد على خلقها الحوار الذي يحسن صياغته الكاتب والنابع من جمالية تعبيره اللغوي ان كان نصا شعبيا او بالفصحى، انما المهم ايجاد تناغم مابين حوار الشخصيات في الاخذ والعطاء والاستلام بايقاع يستطيع من خلاله بناء صراع في المشهد الواحد من اجل خلق التلاحم مابين الشخصيات وافكارها السلبية والايجابية من جهة، ومن جهة اخرى المتلقي الذي يساعد في متابعته للاحداث على نجاح العرض المسرحي. وهذا لا يتم الا من خلال حرفية صناعة الكتابة المسرحية التي يملكها كاتب النص ولا سيما في كيفية صب افكاره وعقائده بشكل تثير اعجاب الجمهور والنقاد، وبهذا يكون الكاتب قد ساهم في ايجاد نصا مسرحيا متكاملا يبني من خلاله فكرة متجسدة من خلال دايلوجات الشخصيات ليصل بها الى نهاية العرض المسرحي ومتلاحما مع المتلقي في العرض والمتابعة وصولا الى الحل في النهاية الماساوية او السعيدة او الاثنين معا.