ايام زمان ونحن طلبة في معهد الفنون الجميلة حينما كنا نمثل بعض المشاهد الصفية، اي مشاهد صفية نختارها من النصوص العالمية للمسرح كانت كلمتين تتردد على مسامعنا من قبل الاستاذ بهنام ميخائيل وبعض من طلابنا وزملاء مرحلتنا الدراسية الا وهي كلمة (متخشب) وكلمة (متقولب) في حينها لم نكن نعلم ماذا تعني هاتين الكلمتين، او ماذا تعني هاتين الحالتين والتي كانتا تلازماننا اثتاء التمثيل ونحن على خشبة المسرح، فكنا نتسائل مع انفسنا ماذا تعني كلمة (متخشب) والكلمة الثانية (متقولب)؟؟
فياتينا الجواب من قبل الاستاذ بهنام ميخائيل رحمه الله واسكنه في ملكوته كالاتي:
(اني لمن اشوف طالب وديمثل على المسرح، ما اريده متخشب او متقولب، اريده يعرف شلون يخلق الشخصية ويحركها ضمن المواقع التي يحددها له المخرج، ولهذا اولادي اطلب منكم ان تبحثون عن الحالات الاولية والتي تساعدكم على خلق شخصية ابداعية لا يكون للتخشب مكانة لها في شخصيتكم المسرحية، ولا كلمة المتقولب والتي تقيد شكل معالم شخصيتكم، اريد منكم ان ترجعون الى تجاربكم المختزنة والذاتية والمكتسبة، وان تستمدون منها المساعدة لخلق هذه الشخصية وبعيدا عن التقولب والتخشب)--
الى هنا تنتهي ملاحظة الاستاذ بهنام ميخائيل في المحاظرة النظرية للتمثيل النظري.
ولهذا عزيزي الفنان المبتدىء والذي مازلت في طور اكتساب الثقافة والتجربة والتمرين العملي والواجب اجرائه كتمارين على الشخصية، المطلوب منك تمثيلها وان تتابع الخطوات التالية وهي:
- ·القراءة الاولية للنص
- ·التاكيد في قراءتك على الشخصية المراد منك تمثيلها.
- ·التاكيد على الشخصية التي تشاركك في المشهد نفسه وانت على خشبة المسرح.
- ·اكتشاف الفكرة الاساسية للنص المسرحي
- · دورك في المساهمة في تجسيد دورك كممثل في المساهمة في تجسيد هذه الفكرة وبمساعدة بقية الشخوص.
- ·اكتشاف ردود الافعال الخارجية والتي تاتيك عن طريق الشخصيات الاخرى لتعطي رد فعل معاكس وبموجب رد الفعل الخارجي.
- ·اضافة الى اختيارك للازياء والاكسسوارات والتي ستساعدك على التمثيل وتجسيد الدور.
- ·المكياج الذي تتطلبه شخصيتك لاكمال معالم صورة شخصيتك الخارجية.
- ·ومن ثم تاتي حالة الاسترخاء وانت على خشبة المسرح.
هي حالة من الحالات الضرورية للممثل وهو على خشبة المسرح، وهذه الحالة تعتمد على القدرة والسيطرة عند الممثل في كيفية تسخير عظلات الجسد وفق مايتخيله للشكل المطلوب للشخصية المسرحية. فالممثل المتوتر والذي يكون في حالة القلق لا يستطيع تسخير جسده لاستكمال حالة التعبير الجسدي كلغة ايمائية وتعبيرية تساعد على ايصال الفكرة مع الحوار الى المتلقي، والملاحظ ان البدن حينما يكون في حالة الاسترخاء يكون مهيئا لاستقبال اي ايعاز من الدماغ لتادية الحركة الجسدية ومن دون تشويه لجمالية الاداء البدني، اضافة الى ان الاسترخاء يتغلب على الافتعالية ويعطي طابعا للتلقائية في التعبير الجسدي والحسي عند الممثل.
فلكي يحسن الممثل التعبير الجسدي او البدني يجب عليه ان يملك جسدا مرنا لاستطاعته تكييف بدنه وفق متطلبات هيكلية بدن الشخصية من حيث الشكل المطلوب:
- ·(العمر،
- ·الطول،
- ·القامة،
- ·والخفة على المسرح في اداء الحركة)،
فنحن وضمن متطلبات الحركة والتعبير الجمالي للجسد لا يمكننا تكييف حركته مالم نملك استرخاءا لعظلاتنا كي نتمكن منح الجسد اداءا فيه من جمالية التعبير وتلقائية الحركة.
وكما ذكرتها في عدة بحوث ومقالات سابقة تجسد من خلالها حالة الاسترخاء، كالرياضي في رفع الاثقال حينما يهم لرفع اثقال حديدية بساعديه الى الاعلى، وجب عليه ان يهيىء رد فعل مساو لفعل الثقل او وزن الحديد، شرط ان تكون عظلاته في حالة الاسترخاء كي يستطيع تنفيذ رفع الثقل وبشكل متوازن لا يؤثر تاثيرا سلبيا على بدنه.
وكذلك الحال مع الاسترخاء البدني والذي يؤثر تاثيرا سلبيا او ايجابيا على الاحاسيس الداخلية والمشاعر للشخصية في حين تسخيرها للتجسيد لتساعد على اظفاء العفوية والتلقائية للحركة وبعيدا عن التوتر والشد العظلي ليتمكن الممثل من اداء اية حركة تتطلبها شخصيته بشكل لا يشوه هذه الحركة في الاداء. حيث ان الاداء وفق حالة الاسترخاء يعطيك السيطرة على جمالية التعبير البدني بشكل لا يشوه الحركة ولا يضفي عليها حالة من حالات الافتعال والتوتر، وهذا ما يساعد على تادية الحوار وبشكل فيه من حالة الصدق والواقعية للشخصية، وكما هو الحال عند الممثل المرحوم سليم البصري ملك التلقائية والاسترخاء الجسدي.
هذا الممثل لم يظهر اي ممثل يملك من الاسترخاء يشاطر استرخائه وادائه في التمثيل، يجسد الشخصية بواقعيته السليمة ويعطيك شكلا يعجب المتلقي وبعيدا كل البعد عن الافتعالية في التعبير البدني، وكذالك الحال مع المرحوم الممثل رضا الشاطىء والذي يشاطر زميله الفنان سليم البصري في الاداء والالقاء والتعبير، فيه من بساطة الاداء وتلقائية الحركة.
وعليه يجب على الممثل والذي يبحث عن المرونة الجسدية ان يجري تمارين رياضية وحركات سويدية للجسد كي يكسب لعظلاته المرونة والتي تؤهله لاداء اية حركة مسرحية على خشبة المسرح وبشكل تلقائي وبعيد عن الافتعالية والتوتر.
اما التركيز فهي حالة من الحالات التي يجب على الممثل ان يعيشها وان يملك قوة التركيز والتنبيه على مايدور من حوله وعلى ماموجود في محيطه، حيث تبدأ هذه الحالة عند بداية مشاركة الممثل لاحداث العمل المسرحي وفي بداية مشاركته مع زملائه في التمثيل، حيث انه وهو في حالة الاسترخاء الجسدي والذهني والحسي. هذه الحالة تساعده على التركيز والذي ياتي بالدرجة الاولى في اهميتها حين دخوله الى موقع الحدث اي مفتاح دخوله الى مواجهة الجمهور المتلقي. فهنا يكون لاهمية التركيز على مفتاح الحوار وعلى مفتاح دخوله للمشاركة في اداء المشهد في العرض المسرحي، فحينما يدخل الممثل الى خشبة المسرح وبمواجهة الجمهور وجب عليه ان يكون في حالة من الاسترخاء وهذه الحالة لا تاتي الا من قوة سيطرة الممثل على ادواته في التعبير والتجسيد في الاحاسيس والفعل ورد الفعل والانتباه والتركيز على الشخصيات والتي تشاطره التمثيل ضمن المشهد الواحد.
وبعد هذه الحالة من التعايش على الواقع الجديد للبدء في تسخير الممثل لادائه في التمثيل فيجب عليه ان يملك من قوة التركيز على ادواته الحرفية في الاحاسيس والمشاعر وخلق العلاقة مع الممثل الاخر ومع الديكور والموسيقى والاضاءة ومع كل خطوة من خطوات حركته على المسرح وفق الحركة المرسومة له من قبل المخرج.
فالممثل الذي لا يملك قدرة التركيز لا يستطيع ان يتعامل مع الشخصية وفق الحدث المتواجد في المشهد، لانه في عملية التركيز للممثل على ادواته
يمكنه الاستعانة بها من اجل اضفاء الواقعية لشخصيته، هذا ان كان في المسرحية الواقعية.
اما في المسرحية الكلاسيكية والتي تعتمد على حركة الجسد وتضخيم الصوت وماشابه ذلك فيمكنه في حالة التركيز على كيفية تحريك جسده في حالة من المرونة ليضفي عليها حالة من حالات جمال التعبير.
اضافة بالتركيز على صوته لكي يتم التوافق مابين الاداء البدني اي (الجسدي) والصوتي سيما واننا نعلم بان سلاح الممثل صوته وجسمه.