غوغول-- والمسرح الساخر
(مسرحية المفتش العام)
شهدت مسارحنا في العراق العديد من الاعمال المسرحية والتي كنا سنستبشر منها خيرا، الا ان مما يؤسف له ان بعض الاسماء الراقية واللامعة في مسار المسيرة الفنية للمسرح في العراق لا ترتقي الى المستوى المنشود مقارنة مع مستوى المسيرة السابقة من العروض المسرحية والتي اشاد بها كبار الفنانون.
هذه العروض المسرحية تابعتها بنفسي من خلال مصادرنا الاعلامية، والتي شارك في عرضها فنانون لهم باع في الوسط الفني ولاسيما في الدراما العراقية، هؤلاء لم يقدموا مايضيف الى التجربة الرائدة في المسرح العراقي من التالق والابداع، عروضا على انها كوميدية يراد من عرضها اضحاك الجمهور ونشر الابتسامة على وجوههم، الا ان مثل هذه العروض كانت اشبه برصاصة الخلب لا نسمع منها سوى الاصوات من القهقهات الوهمية والتي كانت تصدر من خلال بعض الذين يجاملون الممثلين على بعض مايقدمونهم من العرض المسرحي على انه ينتمي الى المسرح الكوميدي، حيث ان بعض النصوص ومع مزيد من الاسف لا ترتقي الى مستوى استحقاق متابعتها ومشاهدة عروضها.
ان الكاتب الحقيقي والنموذجي والذي يحاول ان يتخذ من الكوميد الساخر اسلوبا لطرح مادته يجب ان تكون لديه رؤية متحررة من القيود والخوف، وان يتحلى بالجراة مما يطرحه ويراه مناسبا لتحقيق التغيير والتطوير نحوى الافضل، والتي جميعها تصب في مصلحة الفرد والمجتمع، ولهذا اعتبر العديد من كتاب الدراما والذين اشتهروا بعروضهم النقدية والساخرة اصبحوا مصدر خوف من قبل الطبقات الارستقراطية والبيروقراطية، وحتى بعض الانظمة الحاكمة والتي كانت تستميل مثل هؤلاء الكتاب الى جانبهم خوفا وتجنبا لانتقاداتهم وتعرية سياساتهم من خلال نصوص مسرحية قد تعرضهم للتنكيت بشخصيتهم امام الجمهور الغفير والذي يحضر لمشاهدة عروضهم المسرحية.
فالمسرح الكوميدي هو مسرح خطير وجريىء في الوقت نفسه، مسرح فيه من التشخيص لسلبيات واقع الطبقات الفوقية والبيروقراطية والتي تعتبر نفسها اعلى مستوى من عامة الشعب، وهذا الفارق الذي تتبجح به هذه الطبقات ماهو الا عالم من الوهم يعيشون في ظله كي يعالجون من خلاله واقعهم النفسي، انما حقيقة وجودهم كانتمائية لا نفعا منهم بقدر ماهي حالة تسود هذه الطبقة للمجاملة فيما بينهم، ولهذا عمل العديد من كتاب الدراما المسرحية على ايقاظ هذه الطبقات المتعالية على افراد مجتمعها من سباتها وتسليط الاضواء على واقعهم المحاط بهالة من الفخفخة وانتقاد بعض التصرفات السلوكية والتي يفتعلونها من اجل ان يجسدون من خلالها هالة من التكبر والفخفخة لافراد طبقتهم، انما لو جئنا وسلطنا الاضواء على حقيقة واقعهم وجوهر وجودهم في هذا الكون وتوغلهم في المجتمعات الفقيرة سيصابون بالانتعاش النفسي من خلال هذه المقارنة، اي بينهم وبين الطبقات المعدمة والفقيرة، انهم افراد يعيشون حالة من المرض النفسي ويعالجون مرضهم من خلال هذه المقارنة والغير الانسانية ليتوصلون الى حالة من الرضى على حال واقعهم الطبقي الاجتماعي والتي بها يعالجون حالتهم النفسية ليس الا. فمن خلال انبثاق مثل الظاهرة والغير المستحبة جلبت انتباه العديد من كتاب الدراما والذين يحاولون تشخيصهم لواقعهم الحياتي وتسليط الاضواء على هذا الواقع المتهرىء والذي يعيش في حالة من الوهم يتخيلون في خيالهم المريض هذا الواقع الوهمي.
فهؤلاء الكتاب يجسدون هذا الواقع باسلوب ساخر وينتقدونه بانتقادات بناءا الغرض منه التغيير والتطوير وتحويل حال واقعهم من هذا العاج الوهمي الى واقع حال واقعي فيه من الوعي والمنطق على حقيقة واحدة وهي ان الانسان خلق من ادم وحواء في الوقت لم تكن هناك فوارق طبقية.
ومنذ خليقته عاش الانسان على العوامل الاجتماعية المشتركه، تربطهم عوامل الدفاع عن النفس وتحقيق حالة من النظام الاجتماعي الاسروي يحققون من خلاله الحياة الراقية وعلى ضوء المرحلة التي كانوا يعيشونها ليواصلوا ديمومة حياتهم ويرثونها للاجيال اللاحقة من بعدهم.
وتتعاقب الاجيال ومع مضي الفترة الزمنية من تكوين المجتمع وتطور الحضاري للانسان يكتسب من واقع حياته عادات وتقاليد تساعده على اجتياز ظروف الحياة الاقتصادية والامنية.
اضافة الى مراحل الحياة المتطورة والمتلاحقة ولا سيما بعد اكتشاف الانسان الزراعة والتي من خلالها بحث الانسان على الوسائل الصناعية وتطويرها من اجل خلق حالة من الوعي ليستطيع ان يجاري الحياة الواقعية وفق متطلبات ظروف كل مرحلة من مراحل الحياة الاجتماعية، ولهذا بعد قيام الثورة الصناعية وامتهان الزراعة واستغلال الاراضي استغلالا اقتصادية، فان هذه العوامل ساعدت على خلق شريحة من المجتمع اي طبقات من خلال السيطرة بالقوة والاستبداد بحقوق الاخرين، عوامل ساعدت على ظهور الطبقة المستغلة لجهود الفلاحين والعمال.
ومن خلال هذا الواقع الاليم برزت الطبقات الاقطاعية والبرجوازية والبروقراطية بحيث بقيت الطبقة المتدنية اقتصادية هي طبقة العمال والفقراء من المجتمع والذين اصبحوا وسائل انتاج تلعب بمقدراتها الاقتصادية الطبقات العليا والمتعالية عليهم، اي على الطبقة الكادحة.
الا ان الاحقاب الزمنية مضت ومع مسيرتها برز من بين الطبقة الكادحة والعمالية الفقيرة من يدافع عن حقوق العمال وينادي بالمساوات والعدالة الاجتماعية من خلال انتقاداتهم الساخرة واللاذعة هدفها اعلان ثورة غاضبة على البيروقراطية والبرجوازية.
المفتش العام
هذه المسرحية والتي هي من الادب الروسي كتبها غوغول وصاغ كتابتها وحاك محور مضمونها من خلال انتقاداته للاجهزة الادارية الفاسدة والجاثمة على صدور الجماهير، وقد اشاد بها من حضر لمشاهدتها ومؤكدا على حقيقة الاوضاع السائدة انذاك في الاوساط الحكومية--
اعجبت هذه المسرحية كبار المسؤولين من المتنفذين في السلطة واثنوا عليها مباركين هذه الانتقادات للاجهزة الادارية، وقد واتته الجراة على السخرية من بعض الممارسات اللامنطقية والتي اجحفت بحقوق الشعب منتقدا بعض المتنفذين في الاجهزة الادارية والذين يستغلون مناصبهم الادارية لمصالحهم الخاصة، كان كوكول يمتلك من القوة والشجاعة في انتقاد الاوضاع السلبية والفاسدة ولم يكن يساوم على حقوق الطبقة الكادحة بقدر ماكان يدافع عنها وعن ايمان مطالبا بحقوقهم المهضومة.
تبدأ المسرحية في نقاش حول تردد انباء عن مفتش عام موفد من قبل حكومة بطرسبرغ لتفقد اوضاع الشعب:
- ·العمدة-- لقد جمعتكم ايها السادة لابلغكم خبرا في منتهى السوء، سيزور بلدتنا عما قريب احد حضرات المفاشين
- ·احدهم-- ماذا ياحضرة العمدة، مفتش؟
- ·العمدة-- اقول ان مفتشا من مفتشي الحكومة من بطرسبرغ سيزورنا متنكرا ويحمل معه اوامر وتعليمات سرية.
- ·احدهم-- يالها من هذه المفاجاة
- ·العمدة-- الا يكفي مانحن فيه من تعب ومصائب؟
لقد كنت متخوفا مما رايته في منامي ليلة الامس، فلقد حلمت بفأرين كبيرين اسودين اللون، لم ارى في حياتي مثلهما، والان ساقرأ عليكم الخطاب والذي وصلني من صديقي اندري ايفانوفيتش يعلمني في رسالته قائلا: (يقرأ الرسالة – انني اسارع لاخبارك بانه سيزوركم المفتش العام كتنكرا لدى بلدتكم– الخ --).
في مسرحية المفتش العام جائت العقدة في بداية العرض المسرحي حيث كان لمثل هذا الاسلوب يعتمده معظم كتاب الدراما المسرحية في تقديم العقدة او النهاية، في المقدمة اي بالعرض الاستهلالي للفكرة الرئيسية ومن ثم تبدأ تسلسل الاحداث والمشاهد ومن خلال البناء الذي يحوك صياغته كاتب النص المسرحي ومن خلال الخيط الرئيسي والذي يبدأ ببناء صراعه المتنامي ومن ثم العقدة والذروة والانفجار (النهاية، الحل) وغالبا ماتكون مأساوية او مفرحة.
طرحه كوكول في هذه المسرحية هو محاسبة الذات ومراجعة حسابات ونتائج اعمال كل موظف يخدم في دوائر الدولة لا يؤدي واجبه بالشكل الصحيح بقدر مايراعي خدمة مصلحته الشخصية ويفضلها على المصلحة العامة.
وكما هو الحال في عراقنا الحبيب، ولهذا داب الكاتب المسرحي على تعرية الدوائر الحكومية والكشف عن الفساد الاداري والسرقات والاختلاسات والرشاوي والتي يقترفها موظفوا هذه الدوائر تحت تبويب تصب في مشاريع وهمية، او تدوين اسماء عاملين وهميين ينسبونهم في مشاريع وهمية.
لقد اراد غوغول من مسرحيته هذه المفتش العام بث الذعر والقلق حينما ياتي يوم الحساب ومحاسبة المقصرين من موظفي الدولة والمتنفذين منهم ممن لهم مصالح مشتركة مع المستويات العليا من مسؤولي الدولة.
وكان هذا النموذج اسلوبا يعتمده معظم كتاب الدراما بتقديم العقدة او النهاية او ان يبدأون بالعرض الاستهلالي للفكرة وفي الوقت نفسه استعراض الشخوص السلبية والايجابية. فلقد حاول كوكول ان يسرد في بداية مسرحية المفتش العام عن خبر مفاده ان مفتشا نائبا عن الحكومة قادما من بطرسبرغ ومتنكرا بزيه ومتخفيا بشخصية غايته التفتيش والتدقيق عن حالات السلبيات والظواهر المدانة والمتفشية في اجهزة دوائر الدولة ضمن مرحلة تدهورت الحالة الاقتصادية وتفشي الرعب لعدم استتاب الامن، ونتيجة لكل هذه السلبيات وجب على المؤلف المسرحي ان يجسد وظيفته الانسانية والوطنية في تشخيص السلبيات وتعريتها في المجتمع، هذه السلبيات والتي تنخر في الظرف الاقتصادي والتي هي السبب في تفشي الجوع ورداءة الظرف الاقتصادي للمواطن.
يرى غوغول ان وظيفته المسرحية ان لم يكن غرضها التنفيس والتطهير عما يعانيه الفرد، لذا يجب على مؤلف الدراما ان يشخص سلبيات وفساد الانظمة التي لا تخدم المجتمع وتحقق له مكاسب وطنية يخدم من خلالها الفرد والمجتمع، لقد ثار كوكول على الانظمة التي ترفع الشعارات المزيفة والوعود الكاذبة، ففي هذه المسرحية اراد ان يطرح اسلوبا يراه مناسبا لتعرية الفاسدين ممن يلعبون في مقدرات الظروف الاقتصادية لابناء الشعب، فهو يرى من الضروري التحقق ومن خلال هذه النفوذ الضعيفة والوقوف على حقيقة وظائفهم والتاكد من ترجمة الشعارات المزيفة والتي يرفعونها بتقارير الى الحكومة المركزية عن تنفيذهم للمشاريع الوهمية والكسب من خلال هذه التقارير هدفين، الدعاية والاعلام لصالح المتنفذين، والكسب الغير المشروع عن طريق هذه المشاريع الحكومية.
لقد طرح كوكول هذا النموذج في المعالجة في طرح فكرة اشاع فيها عن ان الحكومة المركزية في بطرسبرغ قد اوفدت مفتشا عاما سيبحث في صحة هذه التقارير المرسلة الى الحكومة المركزية وسيدقق وسيبحث عن صحة هذه المشاريع ويعاقب المقصرين ويقصي بعض المستفيدين عن وظائفهم لكونهم لا يؤدون وظائفهم بصدق وامانة.
طرحت هذه المسرحية (المفتش العام) نموذجا بديلا في كيفية تصرف الحكومة المركزية والبحث عن السلبيات ومن دون وجود مفتش حقيقي موفد من قبل بطرسبرغ، وهذه الدعاية بتسريبها بين اجهزة الدولة حققت الغرض الايجابي في تعديل سلوكيات بعض المقصرين والفاسدين في اجهزة الدولة، وتقويم اعوجاحهم وجعلهم يؤدون وظائفهم بشكل ايجابي لخدمة المجتمع وتحقيق الرفاهية ومن خلال مشاريع حقيقية خوفا من المفتش العام.
لقد استطاع كوكول في مسرحيته ان يخلق في داخل كل موظف احساسا بالخوف من الرقابة بحق تصرفاته وكيفية ادارة اعماله الوظيفية، وبهذه الطريقة استطاع كوكول ان يبث الذعر والخوف في قلوب الموظفين الفاسدين وتقويم تصرفاتهم اللااخلاقية واللاانسانية باتجاه مجتمعهم حيث جسد في هذه المسرحية ان على كل كاتب او مؤلف للدراما المسرحية ان يكون لطرحه فائدة يستطيع ان يخدم المجتمع وان يجني مكاسب ايجابية لافراد مجتمعه.
والا ماهو الغرض من عرض عمل مسرحي لا يطرح البدائل ولا يشخص السلبيات والخلل في اجهزة الدولة والعمل على تعرية المسيئين والمستغلين وكشف الاعيبهم الوظيفية والتي تخدم مصالحهم الشخصية؟
خبر ايفاد المفتش العام جعل المسؤولين يبحثون عن تحقيق المنجزات الايجابية، كنظافة الشوارع والتي جعلت البلدية دؤوبة بانجاز اعمالها في النظافة وصيانة مشاريع التبليط والترميم، وكذالك مسؤولي المرافق الصحية من المستشفيات جعلوا يبحثون عن الوسائل الايجابية لخدمة المرضى وعن تحسين طعامهم وتوفير الادوية المطلوبة وتنظيف وغسل ملابس المرضى والاعتناء بنظافة الردهات في المستشفيات، هذا الخبر واللاصحة له من الواقع دفع مسؤولي اجهزة الدولة في هذه البلدة من التفتيش والرقابة على موظفيها من المسيئين في اعمالهم وتوجيههم التوجيه الصحيح، وصرف الاموال من اجل تحقيق مشاريع حقيقية وتشغيل ابناء البلدة واعانتهم في صرف رواتب جيدة ضمن استحقاقهم الوظيفي، هذا الخبر جعل القضاة في محاكم هذه البلدة يراجعون قرارات احكامهم بحق المواطنين ويتاكدون من انهم لم يجحفوا بحقهم وان ينصفونهم بالحق والعدل.
لقد خلق كوكول من الاحداث المتلاحقة والتي رسم خيوطها باتقان جسد من خلالها نتائج افكاره وتسليط الضوء على المسار الصحيح لكل موظف في كيفية تصحيح مسار خدمته في الوظائف الخدمية مما جعل العمدة ان يوجه جميع العاملين بتفتيش الشوارع والتي لم ترمم ولم تخضع للصيانة اللازمة ليعملوا على صيانتها ، لقد عمد كوكول ومن خلال هذه المسرحية المفتش العام طرح الاساليب الايجابية في كيفية ادارة دفة اجهزة الدولة من اجل ان تاخذ مسارها الصحيح في خدمة المواطن.
لقد دفع عمدة البلدة على انشاء الحقيقي للابنية الحديثة والجميلة وكذالك اوعز لمركبات الحريق والمطافىء ووقوفها استعدادا في الشوارع استعدادا لكل حالة طارئة ، وكذالك توجيه بعض الفنانين من النحاتين لاقامة نصب لتماثيل فنية غرضه من ذالك اظفاء جمالية على الساحات والشوارع الرئيسية، اضافة الى هذا عمد العمدة ونتيجة خوفه من المفتش العام تنظيف بعض الساحات من القاذورات ومخلفات الاوساخ المتراكمة فيها، كل هذا خوفهم من العواقب الوخيمة والتي قد تلحق بهم من رفع المفتش العام تقاريرا سيئة الصيت بحقهم الى بطرسبرغ، لقد عمد عمدة البلدة على دعوة جميع المواطنين ممن لديهم شكاوي او مظلمة جائرة بحقهم لينظر فيها بنفسه ويساعدهم على حلها، اضافة الى نصب اعمدة الكهرباء لانارة الشوارع الرئيسية.
لقد فتح كوكول اذهان المتلقي من خلال تسليط الاضواء على المساوىء التي اقترفها عمدة البلدية بحقهم وتحريك عقلهم ومناقشة مايجول من حولهم من السلبيات والظلم والجور وايجاد الوسائل الكفيلة بحلها وطرحها على اجهزة الدولة، فهو قد خلق لديهم الشجاعة وقوة المجابهة في كيفية معالجة هذه الفوضى الادارية، لقد حاول كوكول ومن خلال مسرحيته المفتش العام خلق تساؤلات عند المتلقي والبحث عن الحلول المناسبة والتي يجب على المواطن عرضها على الجهات الوظيفية العليا لايجاد الوسائل الايجابية في حلها، لقد خلقت هذه المسرحية قوة الاقتحام لبعض دوائر الدولة والمتلكئة بعملها والضغط عليهم من اجل تعديل المسار الصحيح لوظائفهم من اجل خدمة المواطن.
لقد طرح كوكول سمة الكوميد والسخرية وانتقاداته حاله كحال برناردشو لموظفي الاجهزة الحكومية وتجسيد مواقفهم في حالة تعرضهم للمسائلة القانونية ومن خلال مشاهد كوميدية وساخرة بحقهم وبمواقف جعلت المتلقي يتفوق على هذه الشرذمة من الموظفين من خلال حالة الاستنفار في تادية واجباتهم بشكل ايجابي.
لم حاول غوغول تجسيد الكوميديا من خلال المواقف الحرجة لموظفي الدولة الرسمية ومن خلال خوفهم من المحاسبة القانونية وانزال العقوبة القصوى بحقهم، لم يستجدي كوكول الكوميد والضحك كما يفعل بعض الصغار من كتاب الدراما وكما يحصل في اعمالنا المسرحية، وانما خلق الكوميد ومن خلال المواقف الواقعية والتي انتصر فيها المتلقي على من اجحف يحق حقوقه وبشكل جعل المتلقي يتنفس ويتطهر من خلال الضحك والاستهزاء من الموظفين وهم يرتعشون خوفا من معاقبتهم لاهمالهم الواجبات الوطنية والتي من شانها خدمة ابناء شعبهم.
لقد عرضت هذه المسرحية بعض الحجج الواهية لعمدة البلدة ليتشبث ببعض الوسائل والتي يعتقد انها ستبرر اعماله السيئة--
حينما عرضت هذا المسرحية شاهدها كبار من المسؤولين من اجهزة الدولة وعلى راسهم كبار المتنفذين في السلطة واشادوا بما طرحتها عليهم هذه المسرحية واثنوا على كوكول الاسلوب الذي اتبعه في خلق حالة من الرقابة الجماهيرية على سير اعمال اجهزة الدولة في ادارة شؤون المجتمع الروسي، وهذا الحال هو موجود في واقعنا ومجتمعنا في الوقت الحاضر وكذا يجب على كتاب الدراما المسرحية ان يخلقون من الفكرة والطرح الواقعي لمشاكل مجتمعهم ومن خلال اساليب النقد والسخرية والكوميد والتي يجب ان تكون بصورتها الحقيقية والتي لا تستجدي الضحك من المتلقي حرصا على كرامة العمل الفني والذي هو في الاساس من كرامة الممثلين والكاتب المسرحي اضافة الى المخرج .