اذن، ماهـو الاسترخـاء؟
في البدء نتسائل مع انفسنا، كيف يمكننا استحضار الحالة الاسترخائية فيما اذاعلمنا بان الاسترخاء تلعب عدة عوامل لتهيئته. منها العامل النفسي ووضعية الجسد من حيث الجهد العضلي!!.
هناك عوامل نفسية تلعب في شد العظلات الجسدية، وصدور حركات يشوبها شيئا من القلق معبرة عن الاضطرابات النفسية من حركات غير مستقرة، كقرضمة الاظافر، وهز الاقدام، والحركات الغير المستقرة، والحركات الغير الطبيعية، والتي مبعثها امراض الوسواس والخوف والذعر، ولهذا يجب علينا الابتعاد عن كل ماهو مثير للاانفعالات النفسية، كأن الخروج الى نزهة جميلة في احضان الطبيعة الخلابة، والاستمتاع بمناظرها الخلابة، التنفس العميق وعن طريق الشهيق والزفير عن طريق الفم، اجراء بعض التمارين الرياضية في الهواء الطلق، جميع ماذكرناه يبعث فينا الراحة والاسترخاء حينما نكون في حالة السكون الذاتي والنفسي، عندها سنكون بعيدين عن الانفعالات النفسية القلقة ولهذا ستكون عملية التوصيل قد اخذت حالتها الطبيعية (الوجه وبقية اجزاء الجسد) سيما واذا حاولنا الاسترخاء على اريكة مع سماع موسيقى هادئة، والتاملات الذاتية في رياضة اليوغا، وليس يعني ان الخلود الى النوم يجلب الاسترخاء عند الانسان، فنلاحظ الكثير منا من هو في حالة النوم الا ان التوتر النفسي ومبعثه العقل الباطن هو الاساس لمبعث هذا التوتر، حينما نلاحظ تعابير وجهه ونسمع منه اتبعاث اصوات الاستغاثة والتي مصدرها الانفعالات النفسية وهو نائم، ولا سيما من خلال الاحلام المزعجة والتي تحاول شد عظلاته وتخلق لديه حالة من حالات التوتر والقلق.
شرحت في بحوث نشرت على صفحات صحيفتنا الغراء في اعداد سابقة وذكرت فيها، بان لدينا ثلاثة دوائر نجتاز الدائرتين منها لنصل الى الدائرة الثالثة والتي هي خشبة المسرح (الدائرة الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، فالدائرة الكبيرة هي الدائرة التي فيها ارتداء الملابس وعمل المكياج، واستحضار مايساعد على تكملة الشخصية من اكسسوارات وما يتعلق من متممات الشخصية، والدائرة المتوسطة هي الدائرة المحصورة مابين الدائرة الكبيرة والصغرى، اي ماخلف الكواليس، في هذه الدائرة والتي تهمنا نشرح ماذا يجب على الممثل ان يتبعه وهو في هذه الدائرة.
في هذه الدائرة الوسطى يجب على الممثل ان يتخلص من كل ماهو متعلق بحياته الواقعية وقطع اتصاله بعالمه الشخصي والابتعاد عن متعلقات مشاكله الخاصة، والارتباط المباشر بعالم واحداث المسرحية ونحن في حالة الاسترخاء، فالقسم من الممثلين من يرمي بنفسه على كرسي ليسترخي بعظلاته ويبدأ بالتنفس العميق بعملية الشهيق وعن طريق الانف كما اسلفنا سابقا، والزفير عن طريق الفم، ومنهم من يتمتم بصلاة تاملية لجلب الراحة النفسية لذاته وخلق حالة الاستقرار النفسي، ومنهم من يبدأ باستذكار الاشياء الجميلة والمؤنسة لذاته وتجعلهم يحسون بالراحة والاستقرار النفسي كل هذا يساعد على استحضار الاسترخا الذهني والعظلي، ينتهي في لحظة تركه للدائرة الوسطى (ماوراء الكواليس) والدخول الى عالم الدائرة الصغرى اي على خشبة المسرح وامام الجمهور المشاهد.
انما متى وكيف واين ولماذا، هي هذه الاسئلة التي يجب ان نسأل انفسنا بها لتساعدنا على تهيئة اجسادنا وردود افعالنا للدخول ضمن الحدث الرئيسي في المشهد الذي يجب علينا الدخول فيه وتكملة مسار البناء الرئيسي لاحداث العمل المسرحي.
انما فيما اذا اردنا التعرف على فوائد الاسترخاء، فالاجابة على مثل هذا السؤال بسيط جدا والامثال هي كثيرة مثلا:
امامنا الرياضيين من رافعي الاثقال الحديدية، فاذا ركزنا على احدهم وهو في حالة رفع ثقل معين ، نشاهده في بادىء الامر يبدأ بمد ساعديه محاولا مسك العمود الذي يحمل الثقلين من على الجانب الايسر والايمن من الوسط ومن ثم يبدأ بتهيئة رد فعل لقوة تساوي ثقل قوة الثقلين وهو في حالة الاسترخاء، وبعد الموازنة الخيالية، يبدأ برفع الثقل وهو في حالة الاستقرار الجسدي، وهاتين الحالتين، الاسترخاء ورد الفعل المتوازن تساعدانه على رفع الثقل الحديدي بشكل ناجح.
وكذالك الممثل وقبل تركه الدائرة الوسطى للدخول الى عالم الدائرة الصغرى من الضروري جدا ان يكون في حالة الاسترخاء متخيلا الفعل الذي ينتظره في المشهد والذي سيبدأ دور المشاركة به من خلال عرض الاحداث وامام الجمهور اي في الدائرة الصغرى، وان يهيىء لهذا الفعل الخارجي رد فعل داخلي يساعده على الاندماج والتعايش مع الشخصية والمشاركة في تكملة مشوار العرض المسرحي.
جميع ماذكرته يدخل في عملية اعداد الممثل وتهيئته لحرفية التمثيل عند ستانسلافسكي (كتاب اعداد الممثل)، ومن اهم هذه العوامل في اعداد الممثل وتقوية مهارته وحرفيته الفنية هي حالة ( الاسترخاء والتركيز).
فبعد هذا الشرح الوافي واستعراض شرح ابعاد حالات التخيل والخيال والاسترخاء والتركيز عند الممثل عندها نكون قد خلقنا ممثلا جيدا متكامل القوام من حيث الجسد ومرونته، وقوة تركيزه، ولغة التعبير الصامت وعن طريق عظلات وجهه، وجسمه، اضافة الى تقوية لغة التعبير والكلام واللفظ وسرعة البديهية عنده لتهيئته للمسرح الارتجالي.
اذن ماهو تعريف ومواصفات المسرح الاتجالي؟
فمثل هذه العروض االمسرحية من اهدافها مواكبة العصر والمرحلة التي يجب من خلالها تصحيح المسار الخاطىء لمسيرة اي مجتمع من عادات وتقاليد بالية، وان تنبه المتلقي على خطأ هذه المسيرة من ظروف صعبة وقاسية.
اذن مامعنى العرض المرتجل؟
وما هو هذا الاسلوب في طرح مثل هذه العروض المرتجلة؟
ان مثل هذه العروض تكون مبنية على ملاحظات الممثل الحياتية والواقعية مما يحيطه من الاوضاع السلبية والرديئة، واعطاء البديل او بلا، انما المهم تنبيه المتلقي على هذه الاوضاع الرديئة، وقد يفاجىء الممثل الجيد والمقتدر المخرج بالكثير من الامور التي لم يكن يتوقعها ضمن هذه العروض المرتجلة، وليس من السهل على اي ممثل ان تكون لديه ملكة الابتكار والارتجال للحوار الجيد والذي من خلاله يتواصل مع بناء الاحداث وحتى الوصول الى النهاية المرجوة للعرض المسرحي.
ولهذا يجب على المخرج ان يركز على اختيار احد الممثلين والمتميزين بسرعة البديهية، اي ان تكون لديه ملكة الحوار والتعبير المرتجل، اضافة الى هذا متمكن من صوته الجيد والالقاء ضمن مواصفات تربية الصوت ومخارج الحروف ولفظها الصحيح ،اضافة الى هذا يملك من الصور الحسية والمؤثرة ينتقيها من مرارة الواقع الذي يعيشه المجتمع اي (المشاكل الاجتماعية والظواهر المدانة والسلبية للمجتمع وبهذا تشمل الحياة السياسية والبنية التحتية)، كما انه من المفضل ان تكون لمثل هذا الممثل في المسرح المرتجل رغبة في انتقادات العادات والتقاليد البالية. اضافة الى ملكته في المعايشة مع الاوضاع الاقتصادية المتدنية وانتقادها والسخرية منها، كل ذالك يجعل من هذا الممثل في المسرح الارتجالي نجما لامعا ذا شهرة تفوق الاخرين من الممثلين بمهارة الابداع والارتجال، ولهذا نلاحظ ان مثل هؤلاء الممثلين يحلون محل كتاب النصوص في التاليف الاني من خلال الارتجال للحوار، وفي الوقت نفسه يحل محل المخرج المسرحي لاخراج حركاته وانتقالاته على المسرح، ولهذا ليس من السهولة وقوع الاختيار على اي ممثل في مثل هذه العروض المسرحية مالم يملك من هذه المواصفات التي ذكرناها لتأهله في ان يكون ممثلا بارزا، يعتمد عليه لقيادة مجموعة الكادر التمثيلي في مشاهد العروض المسرحية في المسرح الارتجالي.
اذن-- مامعنـى الارتجـال؟
الارتجال هو الملكة الذاتية للشخص المرتجل من خلال امتلاكه لمفردات الحوار الذاتي والغير المتفق على لفظه من خلال الاعتماد على حوار لنصوص مؤلفة وجاهزة للحفظ، انما هو لفظ مباشر لفكرة ما ومن غير تدوين لحوار متفق عليه في نص مؤلف وجاهز للحفظ.
كان العرب يستعملون الارتجال في الرثاء والمديح والهجاء فيما بين القبائل وزعمائها، وفي تقوية عزائم وحماس افراد قبائلهم في المعارك، ومدح امرائهم.
لم يقتصر الارتجال على اللغة والكلام، انما هناك ارتجال في الموسيقى، اي مانسميه بمصطلح (السماعي) اي من دون الاعتماد على النوته الموسيقية في العزف، وانما كان العازف يرتجل العزف على الته ارتجالا حينما كان يحاول مداعبة اوتار الته او النفخ بها، وتحرير المقامات والانتقال فيما بينها ارتجالا ومن دون وجود نوتة موسيقية يترجم من خلالها مقطوعته الموسيقية (اي من دون معرفته ماسيعزف معتمدا على ملكته وثقافته الموسيقية) ومن دون وجود نشازات في الانتقالات.
اما في المسرح فكان يعتمد الارتجال على خلفية الممثل اللغوية، وعلى سرعة بديهيته في الارتجال وتركيب المعاني والافكار بصيغة تجعله يصل الى الفكرة المراد توصيلها الى المتلقي، مع مراعات عدم الخروج في الارتجال عن محيط الفكرة الاساسية والمتفق مسبقا على تجسيدها وتوصيلها للمتلقي ومن خلال تبادل الحوارات المرتجلة مابين شخوص الحدث او المشهد، والى ان ياتي الممثلين على نهاية العرض المسرحي بنهاية متفق عليها مسبقا ومن دون الاعتماد على نص مدون فيه الحورات والديلوجات من قبل المؤلف.
بدأ ظهور الارتجال في القرن السادس عشر، وانتشر في عموم ايطاليا، انما جذور هذه الظاهرة تعود الى الاول ماقبل الميلاد، حينما كان التركيز على الممثل في الاداء للعروض المسرحية المرتجلة ولا سيما في العروض الكوميدية حينما كانوا يقدمون مشاهد من العروض ذات فكرة مرتبطة بافكار المشاهد اللاحقة، والمرتبطة جميعها بخط رئيسي يعتمد على تجسيد الفكرة التي يراد عرضها ارتجاليا ومن دون الاعتماد على نص مدون فيه الحوارات لاي عرض مسرحي، وانما هو فن مسرحي يعتمد على استحداث سيناريوهات يتفق على فكرتها مسبقا خاليا من الحوار معتمدين في ذالك على قابلية الممثل في الخلق والابتكار في مثل هذا العرض المسرحي مشاركا في هذا الارتجال بقية الممثلين الذين ايضا يعملون على الارتجال معتمدين كل منهم على ملكته اللغوية وبموجب متطلبات الدور في المشهد، ومثل هذا النوع من الفن المسرحي فيه شيئا من صعوبة الاداء لخلق حوار ارتجال واني في الوقت نفسه والمناسب لتجسيد الفكرة والذي يتماشى مع الخط العام للفكرة الرئيسية للعرض المسرحي.