كانت ظاهرة من مظاهر التالق والابداع لاعراس الشباب في عطائهم وترسيخ مفاهيم مضمون ماطرحوه من على خشبة المسرح، جسد دورهم المعاصر والمتزامن مع ماسات شعبنا العراقي، في الاحتجاج والصرخة التي دوت من خلال مسارح بغداد بايقونة قدست عطائهم الثر من اجل التغيير والتطوير والمساهمة في ديمومة حركة المسرح العراقي واحياء ماخلفه الرواد من حركة مسرحية رائعة في عراقنا الحبيب. وهكذا سطر شبابنا بمهرجانه المسرحب الاول ملاحم لعروض مسرحية تضمنت المقاومة بالكلمة والفن والمسرح ، ضد الاحتلال وضد اذنابه من شراذمة داعش والذي يحارب ارادة شعبنا في الحياة الكريمة، واعادته الى العهود المظلمة بحجة الدين والتدين.
فبمؤازرة الرواد من الفنانين المسرحيين ودعمهم المعنوي لهذا المهرجان، وباشراف مباشر وتازير من قبل المؤسسة العامة للسينما والمسرح، جاء هذا المهرجان الشبابي للمسرح العراقي، حيث اثلج الصدور واحيا الامال في النهوض من هذه الكبوة التي نهض منها شبابنا بمهرجانهم المسرحي.
من اجل ان تبقى خشبة المسرح العراقي منارا للاجيال اللاحقة، وعلما من اعلام تطوره والنهوض من سباته ليكون مثالا من امثلة المسارح المتطورة والتي تنوعت باساليب طرح اشكالها ومضامينها في شيىء تشوبه الحداثة والرقي، ولعل تشابه العروض المسرحية باساليب اخراجها ومضامين نصوصها جائت متشابهة في الشكل والمضمون انما اختلفت وبموجب اختلاف كل مخرج برؤيته الاخراجية مع الاختلاف في كيفية تالق سطور مضامينها وكل مؤلف وبموجب مايحمله من الخبرة والتجربة والثقافة في كيفية كتابة النصوص المسرحية، فبعض الاعمال طرحت اعمالها باساليب رمزية وتعبيرية.
والقسم الاخر انتهج منهج مسرح الفقير بالطرح وسينوغرافيا المسرح المختصرة على تجسيد الدلالات الرمزية، وبعض العروض استخدمت جمالية التعبير عن طريق استعراض الاجساد والايماءات الرمزية من خلال صور تعبيرية انسجمت مع حلاوة الموسيقى التصويرية في العرض ومتلاحمة بصور تعبيرية مع الوان الاضاءة المسرحية وتنوع الوان ملابس الممثلين والتي ساعدت على اضفاء حالة من حالات الرمز من خلال الوانها، هذه العروض المسرحية لفرق المحافظات المسرحية، توافدت الى بغداد المحبة والسلام من محافظاتها حاملة هموم ابنائها غايتها التنافس الشريف من اجل خدمة المسيرة الفنية.
والتاكيد على ان المسرح العراقي وبابنائه البررة مازال يفعم بالخير والعطاء وبهمة فنانيه من الشباب والمؤمنون بما ارساه الرواد من الفنانين الخالدين بعطائاتهم الفنية منهم المرحوم ابراهيم جلال، والمرحوم جاسم العبودي وجعفر علي وجعفر السعدي وبهنام ميخائيل، وكثيرون هم الذين كانوا يزقون خشبة المسرح بعروض ذات مواصفات ومقومات نجاح الفرجة المسرحية في الشكل والمضمون.
ومع تناول الحداثة في معظم اساليبهم الاخراجية ومدارسهم المتنوعة في الاخراج، ومن بعد غياب هذا الرعيل من اعمدة المسرح العراقي ورواده من الاساتذة الافاضل، غابت مثل هذه الاعراس والمهرجانات المسرحية عن الوجود، بحيث اصاب التصدع للمهتمين بالعروض المسرحية من هذا الغياب بعد ان اخترقت هذه الخشبة الاصيلة والمقدسة تهاريج المتطفلين على المسرح العراقي، وانحدروا مع الفرجة الرخيصة والتي لاتساهم في التوعية والتطوير، ولا تهدف الى التغيير والتوعية الثقافية، مجرد انها كانت مسرحيات ذات مضامين غايتها اللهو والتسلية الفارغة، وخالية من المضامين الفكرية والانسانية، غير مبالية في خدمة الانسان العراقي في التغيير والتطوير.
وفي احقاق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد الاداري، والمحاصصات الطائفية وعلى حساب هذا الشعب العراقي المنكوب، والذي اصبح فيما بعد هو الحطب الذي احترق بنيران الطغمة الحاكمة والدخيلة على الوطن والتي جائت من الخارج لتهديم كل مابناه هذا الشعب الابي من تاريخ مليىء بحضارة وثقافة اشتهر على ارساء دعائمها في المحافل الفنية والثقافية العربية والعالمية.
وهذه الفئة ماجائت الا من اجل التهديم والتخريب والتفريق لوحدة هذا الشعب الابي والذي ظل لسنين يرزح تحت وطأت الحروب المفروضة عليه، والتي اودت بحياة شبابنا وحتى المسنين لم ينجوا من نيران تلك الحروب التي هتكت النفوس البريئة وابلتهم ببلاء لا يحسدوا عليه. ومن هنا انطفأت شعلة شموع المسرح العراقي وزاد في الطين بلة بظهورالمدعين بالفن، ومن خلال هيكلية دخيلة وبعيدة عن الاختصاص بشؤون ماتدعي، حيث عملت على استقطاب المنسوبين والمحسوبين على طوائفهم، وبقي المخلصون جامدون مكتوفي الايدي.
والقسم الاخر نتيجة الاضطهاد القسري والضغط على حريات تحركهم للبناء، فضلوا ترك الوطن والهجرة الى ارجاء العالم والعيش في غربة كانت قاسية على حياتهم. ومرت السنين والعطاشى يتطلعون الى ينابيع المياه التي جفت، والحقول الخضراء والتي شابها الاصفرار والجفاف منتظرة عطاء السماء بما تجود عليها من الامطار لارواء عطشها، الى ان جاء دور الرعود لتصعق برعدها كل الحواجز والقيود لتجود بعطائها الرباني وتفيض على المعمورة بمياه صافية ماتشبع ظمأ عطشهم من خلال طاقات شبابية امنوا بفنهم وبمسيرتهم وبخشبتهم المسرحية المقدسة، فتمخظت عن هذه الرعود بمهرجانا مسرحيا للشباب تالقوا في ابداعاتهم وعطائهم الثر.
اقيم هذا المهرجان تحت شعار (فرساننا هناك ونحن هنا ننعم بالنصر) مفتتحا عروضه المسرحية بنشيد القيصر كاظم الساهر ادته حناجر الفنانين الرواد بلحن جميل وكلمات رائعة مطلعها يقول (سلام عليك، على رافديك، عراق القيم، فأنت مزار وعز ودار لكل الامم) حيث جاء المهرجان تاكيدا على ان الارهاب لا يحارب فقط بالاسلحة التقليدية، وانما بالكلمة والفن والادب.
للحقيقة وللتاريخ نذكر بأن تجربة هذا المهرجان هي ليست بتجربة جديدة في العراق، حيث سبقته تجربة رائدة لمثل هذا المهرجان، حينما اقدم المسرح العمالي في بغداد على خوض تجربة لمهرجان المحافظات للمسرح العمالي نال اعجاب المثقفين والمعنيين بالمسرح حينما ضم مهرجانه في وقتها جميع فرق المحافظات العراقية التي رشحت اعمالها للمشاركة في المهرجان الرئيسي في بغداد، حيث اثمر عن ظهور مواهب جيدة ومتالقة في حرفية التمثيل والتاليف والاخراج.
لقد جاء هذا المهرجان تاكيدا على طاقة الشباب الابداعية وانبثاق مواهب فنية في التمثيل ابهرت المشاهدين من النقاد والصحافة التي خصصت صفحاتها للحديث عن النتائج الخلابة لهذا المهرجان الذي ترك بصمات الشباب بعروض جذابة مختلفة الاساليب بالطرح ومشتركة في المضمون.
يبقى هذا المهرجان فاتحة امل للنهوض من كبوة الركود للعروض المسرحية في المسرح العراقي، والذي شارك في احيائه احد عشر عملا مسرحيا وهي:
1.اولا – مسرحية ذات دمار لفرقة ساوا للتمثيل في محافظة المثنى، تاليف سعد هدابي واخراج عدنان ابة تراب.
2.ثانيا – مسرحية جعبان لمحافظة البصرة، تاليف عبد الكريم العامري واخراج د. حازم عبد المجيد.
3.ثالثا – مسرحية الوحش لمحافظة الانبار ، تاليف طلال هادي واخراج عكاب حمدي.
4.مسرحية ملف مغلق لمحافظة الديوانية، توليف المجموعة واخراج حليم هاتف.
5.مسرحية تراتيل لمحافظة واسط تاليف جميل جميل حسين الرحه واخراج عمار ثائر القطبي.
6.مسرحية الرمح لفرقة الملتقى العراقي للثقافة والفنون المسرحية في محافظة النجف الاشرف، تاليف واخراج دخيل العكايشي.
7.مسرحية منعطف على نهر دجلة لمحافظة صلاح الدين، تاليف علي عبد النبي الزيدي، اعداد واخراج ذو الفقار البلداوي.
8.مسرحية شاورما لفرقة لكش في نقابة الفنانين في محافظة ذي قار .
9.مسرحية هل تسمعني اجب لفرقة نادي المسرح بالتعاون مع النشاط المدرسي في محافظة ميسان ، تاليف ماجد دريدش واخراج خالدعلوان.
10.مسرحية عند الباب لمحافظة بابل تاليف واخراج مهند ناهض الخياط.
11.واخيرا مسرحية نون - حيث افتتح المهرجان من خلالها عرضه المسرحي، وهي من تاليف ماجد درندش واخراج كاظم النصار، هذه المسرحية كانت خارج المهرجان، احتجت بمضمونها المسرحي ومن خلال فناني العراق المسرحيين على الممارسات الا اخلاقية التي قام بها داعش ضد المسيحيين في الموصل، حيث شارك في عرض هذه المسرحية كل من د. ميمون الخالدي، واسيا كمال، ومازن محمد مصطفى، وباسل الشبيب، وعلاوي حسين، ونظير جواد، واسعد مشاي، والصوت الغنائي لازهار العسلي.
لقد كان هذا المهرجان مفخرة لكل الفنانين المسرحين ولا سيما الفنانون الشباب والذين اقاموا مهرجانهم هذا برعاية ودعم المؤسسة العامة للسينما والمسرح.
املين ان يكون تقليدا سنويا لديمومة حركة المسرح العراقي، وترفيده بالمواهب الجديدة من الفنانين الشباب، ليساهموا في ديمومة الحركة المسرحية، ورمزا للعطاء والابداع في مسيرة المسرح الشبابي في العراق.