هم رعاع، أوباش وقتلة، أولئك الذين حطموا تراثنا العراقي الخالد بنينوى، حطموا تراث أجدادنا الآشوريين والكلدانيين والبابليين الحضاري، ودمروا المتاحف ومراقد الأنبياء والأولياء الصالحين، وأحرقوا الكنائس ودور العبادة وما أمكنهم الوصول إليه.
كان هؤلاء القتلة من عصابات داعش، من هذا التنظيم العدواني المناهض للإنسان وحقوقه وحرياته وثقافته وتراثه الحضاري. لقد أثارت تلك الأفعال الدنيئة الرأي العام العالمي باعتبارها جرائم فاحشة ضد الحضارة الإنسانية، إضافة إلى جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبوها بمحافظة نينوى من قتل للبشر وسبي للنساء والأطفال وبيعهم في سوق النخاسة، كما مارسوا الاغتصاب الدنيء. بهؤلاء انزلت شعوب العالم اللعنة عليهم وعلى أفعالهم الدنيئة التي تريد محو ذاكرة العراقيات والعراقيين بتراثهم وحضارتهم الخالدة.
هؤلاء سيعاقبهم الشعب ومحكمة العدل الدولية ومحكمة حقوق الإنسان الدولية، ولن يفلتوا من العقاب آجلاً أم عاجلاً.
ولكن ماذا نقول عن أولئك الذين استخدموا البلدوزر بالأمس القريب، وفي وضح النهار، ودمروا نصب الفنان الكبير والفقيد جواد سليم، نصب فنان الشعب الذي وضع تصاميم نصب الحرية في ساحة التحرير، وأُنجز بالتعاون مع المهندس الكبير والفنان رفعت الجادرجي؟
ماذا نسمي مثل هؤلاء البشر الذين يمارسون مثل هذه الأفعال الشريرة؟
أنهم في واقع الحال لا يختلفون قيد أنملة عن عصابات داعش المجرمة، فهم مجرمون أيضاً، وأن توفر لهم المجال لقتلوا كل من خالفهم الرأي أو من يؤمن بدين أو مذهب آخر.
وقد فعلوا ذلك منذ العام 2006 حين هجروا المسيحيين والصابئة المندائيين من محافظات الجنوب، أو من بغداد. أنهم أوباش ورعاع لا يختلفون عن أوباش ورعاع داعش، فالإيديولوجية المسيرة لهم والموجهة لأفعالهم واحدة وأن اختلفت في المظهر أو المذهب!!
لا يمكن أن يقوم هؤلاء بهذه الأفعال الدنيئة في وضح النهار دون أن يكون لهم سند يحميهم ويبعد عنهم الأذى المحتمل، وسوف يمارسون افعالاً خسيسة مماثلة لاحقاً، إن لم يكشف القضاء والحكومة التنفيذية عن هذه المجرمين. ليس هناك من مسؤول عن هذه الأفعال غير الحكومة العراقية، التي فسحت بنهجها الطائفي والمحاصصي والعاجزة عن اتخاذ أي إجراء سليم لمحاربة الفاسدين والمفسدين، أو التصدي لسلوكيات الطائفيين المناهضين لثقافة الشعب وحضارته وتراثه الحضاري، أو الكشف عن ممارسة مثل هذه الأفعال من جماعات إسلامية سياسية متطرفة، ولا يمكن أن تفعل هذه المجموعات مثل هذه الأفعال لو لم يكن لها سند في الدولة العراقية، في الحكومة العراقية، في الأحزاب الإسلامية السياسية الحاكمة، في القضاء العراقي، وفي أجهزة الأمن والشرطة وفي المليشيات الطائفية المسلحة، فهم من أتباع الدين الإسلامي!
إن على رئيس الدولة العراقية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان ورئيس القضاء العراقي ورئيس هيئة الادعاء العام بالعراق، إن كانوا جادين ومدركين لطبيعة الفعل الذي مورس بحق النصب، أن يعملوا سوية لتشكيل هيئة مستقلة حقاً لتقوم بالتحقيق بهذا الفعل وتقديم الجناة إلى القضاء العراقي لكي يلقنوا درساً لن ينسوه ويمنع وقوع أفعال مماثلة لاحقاً.
كما إن على الحكومة العراقية أن تقرر تكليف فنان عراقي مبدع يقوم بوضع نصب جديد لهذا الفنان الكبير، فنان الشعب والحرية وحقوق الإنسان، جواد سليم يقام في نفس المكان الذي اكتسح بلدورز المجرمين نصب جواد سليم.