"من يعتقد بأنه صديق الشعب الكردي ويناضل معه في سبيل تحقيق طموحاته وتطلعاته المستقبلية وحياته الكريمة والمزدهرة، يفترض فيه أن يكون صريحاً، واضحاً وأميناً لمبادئه وصداقته، مقتنعاً بالديمقراطية وحقوق الإنسان ومدافعاً عنها دون تردد ومنتقداً لما يراه خلاف ذلك دون وجل أو مجاملة، وبغيره تفقد الصداقة مضمونها الإنساني النبيل!!"
ك. حبيب
كما إن مجموعة من المتظاهرين في محافظتي السليمانية وحلبجة لم تلتزم ومارست العنف.
إن العلل الاجتماعية السائدة بالإقليم، ومنها الفساد والاغتناء من السحت الحرام، نجدها أيضاً بباقي المحافظات العراقية وببغداد بشكل خاص. وهو أمر لا يجوز استمراره وما الحراك الشعبي ومظاهرات بغداد ومحافظات أخرى، وكذلك بالسليمانية وأربيل ودهوك، سوى البداية الرافضة لكل ذلك، وما لم يتغير الوضع ستكون العواقب غير حميدة على المسؤولين وعلى المجتمع بأسره. إن ما أشير إليه هنا ليس بتقديرات شخصية، بل إنه بلورة لفعل القوانين الاقتصادية الموضوعية التي تمارس فعلها بمعزل عن إرادة الإنسان وبسب الأخلال بها وبشروط فعلها. إن ما أتمناه أن يبقى الحراك الشعبي والمظاهرات سلمية وديمقراطية وبعيدة عن العنف بأي شكل كان، وأن تجد المشكلات حلولاً سريعة لها.
5- غياب التنمية الاقتصادية
حين نتحدث عن التنمية الاقتصادية لا نعني بها بناء القصور والبيوت المرفهة واستيراد السلع الاستهلاكية والكمالية وإغراق الأسواق بها، بل نعني بالتنمية الاقتصادية الشاملة إقامة مشاريع البنية التحتية والمشاريع الاقتصادية الإنتاجية في الصناعة والزراعة وتوجيه نسبة مهمة من الدخل القومي صوب الاستثمار الإنتاجي الذي يسهم في تحقيق تراكم رأسمالي وتنويع الاقتصاد الوطني وتغيير بنيته الريعية النفطية المشوهة الراهنة وتنويع مصادر الدخل القومي وزيادة التشغيل في المنشآت الصناعية وملحقاتها وفي الزراعة الحديثة لتوفير حاجات المجتمع الاستهلاكية الأساسية واستكمالها بالاستيراد السلعي الذي لا يلحق أضراراً بالتنمية والإنتاج المحلي. وهذا الاتجاه في التنمية غير متوفر وغير محبذ، كما يبدو، بالإقليم وبالنسبة إلى جميع الأحزاب السياسية وقادتها دون استثناء. فالتوجه الراهن ليبرالي جديد من حيث الفكر الاقتصادي الذي لا يتناغم بأي حال مع طبيعة وحاجات وضرورات التنمية الاقتصادية بالإقليم أو بالعراق عموماً. وما الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة سوى المنتوج المنطقي للسياسات التي مارستها الحكومات الكُردستانية المتعاقبة منذ وصولها إلى السلطة في العام 1991 حتى الوقت الحاضر. إن هذا الواقع السلبي ليس في صالح الإقليم وشعب الإقليم على وفق ما أرى وعلى وفق وعي للعملية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الجارية، إذ أن ما يجري الآن هو إخلال شديد بالقوانين الاقتصادية الموضوعية التي يفترض أن يعيها المسؤولون ليتجنوا المطبات والأزمات الراهنة والمستقبلية.
6- الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي
لا شك ي أن أجهزة الأمن المحلية تلعب دوراً مهماً في حماية المواطنات والمواطنين من عبث قوى الإرهاب والجريمة المنظمة وبدونها يصعب الوصول إلى تحقيق الأمن ومحاربة قوى الإرهاب والشر. وقد حققت أجهزة الأمن الكُردستانية نجاحاً مهماً في هذا الصدد يشار إليه بالبنان ومحمود طبعاً. ولكن يفترض في قوى الأمن أن تبقى بعيدة عن السياسة، كما هو حال بقية القوات العسكرية أو الپيشمرگة التي يفترض أن تدافع عن الإقليم وشعب الإقليم وبعيداً عن التدخل في الشأن السياسي اليومي للأحزاب والقوى السياسية وفي حرية الأفراد، وأن تكون موحدة لا كما هو الحال حالياً بالإقليم والموروث من السنوات السابقة. يمكن أن يصان الأمن ولفترة بالقوة، في حين يصبح دائمياً حين يقترن بالحياة الحرة والحريات الديمقراطية والتمتع بحقوق الإنسان وحقوق القوميات وبعيداً عن التدخل في شؤون المواطنات والمواطنين ومواقفهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وانتماءاتهم الحزبية أو المدنية الأخرى. أتمنى على رئاسة وحكومة الإقليم والأحزاب والقوى السياسية أن تسعى إلى جعل مهمة أجهزة الأمن والقوات المسلحة بعيداً عن التدخل في الشأن السياسي أو في شؤون المواطنات والمواطنين، عندها سنجد ردود فعل إيجابية من جانب المجتمع الكُردستاني في احتضان وتأييد النشاط المهم الذي تمارسه هذه الأجهزة حفاظاً على أمن المواطنين خاصة حين يكون جهاز الأمن والقوات المسلحة موحدة لا مجزأة عملياً وفعليا كما عليه الحال في الوقت الحاضر.
إن الدستور الكردستاني يؤكد الالتزام بحقوق الإنسان وحقوق القوميات، كما يؤكد على حق الإنسان والجماعات في ممارسة الإضراب والتظاهر والتجمع السلمي والديمقراطي وبعيداً عن كل أشكال العنف. وهذه القاعدة الديمقراطية يفترض في المتظاهرين الالتزام بها لضمان سير الإقليم على أسس أكثر سلاسة وحيوية. ويفترض في الحكومة وأجهزتها الأمنية أن تلتزم هي الأخرى بقواعد الدستور في مواجهة الإضرابات والمظاهرات السلمية والديمقراطية وحمايتها والابتعاد عن استفزازها أو الانجرار لاستفزاز قوى تريد الصيد في الماء العكر. إن الآونة الأخيرة شهدت مدن بمحافظتي السليمانية وحلبچة مظاهرات عديدة بعضها تحول إلى هجوم واعتداء على مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني ومقرات الأمن والبيشمركة، وهي أساليب محرمة وغير مقبولة دستورياً.
وقد أدى ذلك إلى ردود فعل وسقوط قتلى وجرحى أثناء ذلك بما فيه قتلى من المتظاهرين أو من الذين قتلوا حرقاً في المقر المحروق. إن على جميع القوى والأحزاب والحكومة ضبط النفس والسيطرة على المتظاهرين ومنع تحولها إلى عنف يلحق أفدح الأضرار بمطالب المتظاهرين أنفسهم. لا يجوز استخدام العنف في المظاهرات بأي حال ولا العنف المضاد.
إن طرحي الصريح لهذه المسائل الجوهرية ينطلق من إدراكي لثلاث مسائل مهمة هي: أهمية اعتماد المبادئ الديمقراطية التي يفترض أن تسود في المجتمع المدني الديمقراطي وفي إقامة الحكم الديمقراطي الرشيد والمعبر عن إرادة ومصالح الشعب. حرصي على تجنيب العراق والإقليم المزيد من الصراعات والنزاعات غير المبررة والمدمرة للجميع، وقناعتي بأهمية وضرورة إقامة الحكم الديمقراطي على مستوى العراق والإقليم لبناء عراق مزدهر سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً.
حرصي على احترام إرادة ومصالح ومستقبل التعاون والتنسيق والتكامل بين القوميات العديدة الموجودة بالعراق، وانطلاقاً من احترامي وودي الصادق لها جميعا دون استثناء ورغبتي في أن يسود الأمن والاستقرار والازدهار للعراق ولإقليم كُردستان وبقية المحافظات العراقية.