تشكل بعض الرسائل الإعلامية على لسان بعض المسؤولين قلقاً مضافاً لما نحن فيه، فقد كرر العديد من أعضاء مجلس النواب والمسؤولين في الآونة الأخيرة عبارة (البلد على حافة الهاوية) عبارة استهلاكية مكررة وفضفاضة، وطبعاً لم يقل أحد منهم:
ما الذي أوصلنا لتلك الحافة، أو ما الذي ينقذ البلد من السقوط في الهاوية- لا سمح الله- أخلاقياً ومهنياً ودستورياً نحن مع حرية التعبير، لكن نرى بأن كلام المسؤول يتوقف عليه مصير بلد، فهو لا يتحدث عن فراغ، ونفترض بأنه يتحدث عن دراية وعلم ويقين، هذه العبارة ترددت مئات المرات منذ سقوط النظام الدكتاتوري حتى الآن، وهنا يجدر بنا أن نسأل من يرددها أو يؤمن بها: ما الذي قدمته لبلدك من موقع مسؤوليتك؟
هل أديت الأمانة بما يمليه عليك ضميرك الوطني؟ هل أخلصت العمل لوجه الوطن؟ هل كنت أهلاً للمسؤولية؟ أما العبارة الأخرى التي تقض مضاجعنا كما يقال فهي عبارة (المحاصصة) وكثيراً ما أرغب بتوجيه سؤال بسيط للمعترضين على المحاصصة:
كيف تبوأت منصبك؟
الغالبية العظمى تصرح بأن البلد وصل لحافة الهاوية بسبب المحاصصة، وينسون أو يتناسون بأنه لولا المحاصصة لما كانوا في مواقعهم.
نقول لمن يسبب لنا بعض القلق إن قواتنا الأمنية بمختلف صنوفها وتشكيلاتها، وحشدنا المقدس بكل فصائله ومن شاركهم حب الوطن من أبناء العشائر، وضعوا ساتراً من الانتصارات لحماية الوطن وردموا الهاوية التي يتمناها البعض لبلدنا العزيز بجثث القتلة التكفيريين من عصابات داعش الإرهابية، وأن الهاوية التي تتحدثون عنها هي خوفكم من خسارة حصصكم وما تسمونه استحقاقات انتخابية، فهي هاويتكم وليست هاوية أخرى، فيا سيدي المسؤول استحقاقك الانتخابي في عدد المقاعد التي حصلت عليها كتلتك، ولا علاقة لذلك بعدد الوزراء والوكلاء والمديرين العامين ورؤساء الهيئات ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات والمساعدين والمعاونين ورؤساء الأقسام ومسؤولي الشعب نزولاً إلى أدنى وظيفة، والكتلة البرلمانية الأكبر هي التي تشكل الحكومة بحسب الدستور لا أن توزع كعكة المناصب بين الجميع، وإذا كنتم مؤمنين فعلاً بالإصلاح وفروا فرصة لمرشح الكتلة البرلمانية الأكبر أن يختار حكومته بحرية.
لا اعتراض على أن ترشح الكتل من تجد فيهم الكفاءة والنزاهة والمهنية، لكن المشكلة التي لا حل لها هي أن كل كتلة لديها (جوكرات) يصلحون لكل أوراق اللعب، ويا لشديد حرصها على ألا تبدلهم، فهم الأصلح لكل المناصب والتخصصات، والأنكى من هذا كله أن بعض الكتل حتى هذه الساعة لم تتنازل عما تسميه استحقاقاً وبنفس (الجوكرات) السوبرمانية التي أصبحت علامات تجارية لها، وربما سيأتي عليها زمن تكتب عليهم (احذروا التقليد)، ولا اعتراض على من تقدمهم كتلهم لشغل مناصب سياسية كالوزراء، لكن مشكلتنا مع المحاصصة الأقل، ممن تتطلب مناصبهم التخصص والمهنية أكثر من الوزراء أنفسهم، ونعني بهم الوكلاء والمدراء العامين ورؤساء الهيئات وما إلى ذلك، فهل من متنازل عن حصته؟!