نينوى بحدودها الإدارية الحالية محافظة عراقية محمية بالدستور العراقي وبالقوانين العراقية النافذة.. هذا ما نص عليه القرار الذي صوت عليه مجلس النواب العراقي، وهذا يعني بالضرورة وكما نص القرار بأن أي تغيير يطرأ عليها سيكون باطلاً ومخالفاً للدستور ولإرادة الشعب العراقي، لكن ثمة سؤال مرير، هل نحتاج لمثل هكذا قرار؟
المعروف أن محافظة نينوى وقعت أسيرة للاحتلال الداعشي منذ التاسع من حزيران 2014، وقد كشفت الوقائع عن قوى محلية وأخرى إقليمية تواطأت مع مجرمي داعش ويسرت لهم عملية غزوها في ظروف شابها الغموض والالتباس، واليوم لا يوجد ما هو غامض أو ملتبس، فالدعوة لتقسيمها أو تقاسمها من قبل تلك القوى أزاحت الستار عما كان مجهولاً لدى البعض.
نعود لسؤالنا هل ينبغي أن نشرع قرارات يومية للحفاظ على وحدة البلد وحماية الحدود الإدارية المتعارف عليها؟ فإذا كان الأمر هكذا فما قيمة الدستور؟ وما جدوى القوانين النافذة؟ وأين سنضع اليمين الذي حلف به كل ذي شأن ومنصب وهو يتضمن بنداً صريحاً بالحفاظ على وحدة الوطن أرضاً وشعباً؟!
واضح أن بعضهم يحاول استغلال الظروف الأمنية التي يعيشها العراق عموماً ومحافظة نينوى بصورة خاصة، ليبتز الحكومة ويحرجها وهي تسعى لتكثيف جهودها لتحرير نينوى، وهنا نتوجه بالسؤال لمن يشترط تحويل سهل نينوى إلى إقليم تحت ذريعة حماية الأقليات، أين كنتم حين انتهكت عصابات داعش الإرهابية حرمات الأقليات وقامت بسبي المسيحيات والأيزيديات وارتكبت أشنع الجرائم؟
علماً أن قوات البيشمركة كانت متواجدة بكثافة ثم انسحبت بلا أدنى مواجهة، بعدها بسنتين قمتم بعملية صورية تدعى تحرير سنجار انسحب فيها الدواعش بدون أن تطلق رصاصة واحدة؟
نتساءل: هل أن إقليم كردستان دولة جارة لنحتاج للتفاوض معها وتفرض اشتراطاتها من أجل تحرير أراضينا؟ هل أن الإقليم مرتبط بتركيا أم بحكومة المركز؟
علما أن رئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني يعد اليوم فاقداً للشرعية مثله مثل السيد أثيل النجيفي، والطامة الكبرى كلاهما يقودان دعوة تقسيم نينوى التي يعدها البعض بوابة لتقسيم العراق ومن ثم المنطقة.
التلاعب بحدود نينوى قبل تحريرها أو بعده يتنافى شكلاً ومضموناً مع جميع القوانين، فالدستور الدائم لا يسمح بذلك على وفق المادة 119، وقانون إجراءات تشكيل الأقاليم رقم 13 لسنة 2008 لا ينص على اقتطاع جزء وتحويله إلى إقليم أو دمجه بإقليم آخر، كذلك قانون المحافظات رقم 21 لسنة 2008، فعلى أي قانون يمكن أن يمرر الانتهازيون عملية التقسيم؟
من هنا نستدرك القول بأن القانون الذي يجرم تقسيم نينوى جاء بمثابة ردة فعل تعبر عن مخاوف الساسة وتشكيكهم بإمكانية مواجهة الأطراف الأخرى وإلزامها بالدستور والقوانين، ويبدو أن كل قوانينا تحتاج إلى ملاحق إضافية تشرع لعقوبات ترافقها، وكأننا في غابة سياسية لا يعتد بعض أفرادها بالقوانين المنصوص عليها، ما لم ترافقها إجراءات رادعة تناسب حجم المخاطر وتحد من الاستهتار بمقدرات البلد.