الجريمةالبشعة في خان بني سعد التي راح ضحيتها أكثر من مئتي بريء بين شهيد وجريح، لا تكشف عن خسة تنظيم داعش ووضاعته فحسب، بل تكشف عن جبنه، فبعد أن عجز عن مواجهة قواتنا الأمنية وحشدنا الشعبي وأبناء العشائر، راح يتحين الفرص بين المواطنين العزل وهم يستعدون لليلة عيد الفطر المبارك، توقيت غاية في النذالة، وجريمة لا أبشع منها، إذ اختلطت أشلاء الأمهات بأشلاء أطفالهن، وتخضبت ملابس العيد بدم الشهادة الطهور، ونتساءل: أين هؤلاء من قيم الإسلام والإنسانية؟أين هم من قيم العروبة والشهامة والرجولة؟ هل في التاريخ غدر أكبر من استهداف مواطنين عزل أبرياء بثلاثة أطنان من المتفجرات؟!أربعة شباب أخوان بعمر الزهور يتبعهم والدهم من هول الصدمة في موكب الشهداء، رجل أمن يعثر على جثتي طفليه ويبحث عن زوجته وطفله الثالث، أهذه هي أخلاق الحرب في الإسلام؟ إذا افترضنا بأنهم يخوضون حرباً ضد الكفر كما يدعون، لندع حرمة شهر رمضان أو العيد أو الإنسان، فهناك حرمة للمرأة، وللطفل، وللشيخ، وحتى للحيوان وللشجرة، كما تنقل أدبيات الإسلام عن الحروب، فأين هم من الإسلام الذي يدعون؟ وما المسوغ الشرعي لقتل أولئك الأبرياء العزل الذين لا ذنب لهم سوى عراقيتهم؟
هذه الجريمة وقبلها جريمة سبايكر وجريمة سجن بادوش التي أبيد فيها ما يقرب(500) سجين من أهل الجنوب، وغيرها الكثير من جرائم الإبادة، لا تكفينا فيها الاستنكارات وبرقيات التعازي وتبادل الاتهامات، بل نحتاج إلى وقفة جريئة من العراقيين أولاً بكل أطيافهم، ومن العرب ثانياً، إن كانت هناك ضمائر تهزها مثل هذه الجرائم، ومن المسلمين عموماً، إن كانت لديهم غيرة على الإسلام الحقيقي الذي تشوهت صورته على أيدي الدواعش، ومن المجتمع الدولي بأجمعه، إذا افترضنا بأننا نعيش في عالم تسوده بعض القيم الإنسانية.
لا يحتاج العالم لكثير من الذكاء لكي يكتشف ماذا يعني تنظيم داعش، وكيف نشأ، ومن يقوم بتمويله، ومن يدعمه مادياً وإعلامياً ولوجستياً، وأين تدربت عناصره، وكيف تسنى لهم التدفق لسوريا ومن ثم العراق، ومن يتعامل معهم في تهريب الآثار والنفط، وما هي إمكاناتهم العسكرية، ومن أين يأتيهم السلاح، وإذا كانت الولايات المتحدة أو روسيا أو عموم دول الغرب أو دولنا العربية والإسلامية غافلة عن الحقائق، فاقرأ على عالمنا السلام بكل ما يملك من تقنيات وآلايات استخبارية ومخابراتية. بالمقابل فإن عملية القضاء على داعش ليس بالأمر الصعب، إذا ما توفرت إرادة دولية حقيقية، فإنه ليس أكثر قوة من القاعدة وطالبان، والمناطق التي يتواجد فيها، أراض منبسطة على الأغلب، وأقل تعقيداً من البيئة الجغرافية لأفغانستان، فما الذي ينقص العالم اليوم لتحين ساعة الصفر لحرق ورقة داعش.