"ساعات ويعلن أبناؤكم في الموصل عن إلقاء القبض على المجرم أبي بكر البغدادي"
استفزني هذا المنشور وأنا أتصفح الفيسبوك على وجه السرعة، لا أستغرب إذا ما حدث ذلك، كما لا أستغرب إن قتل المجرم على أيدي أبطالنا، وربما كررت ذلك في مقتل المجرمين الزرقاوي وابن لادن، هل ستكون نهاية المطاف؟
لقد قتلا فعلاً لكن نهجهما الإرهابي بقي قائماً، فالقاعدة فرخت داعش، وفتاوى التكفير لم تتوقف، ومدارس النهج الوهابي السعودي قائمة وهي تلقن الصغار والكبار مذهب التكفير، دونما رادع إسلامي أو أممي، جيوش من التكفيرين يتخرجون في المدارس والجامعات الوهابية المنتشرة بأعداد مخيفة في العالم، لا سيما في الدول الفقيرة، ألقي القبض على المجرم صدام وحوكم وأعدم هو وعدد من زبانيته، لكن هل انتهى النهج الصدامي؟ فالقضية ليست قضية أشخاص.
نعم سيؤثر مقتل المجرم البغدادي أو إلقاء القبض عليه، سيضعف جبهة داعش، سيحسم المعركة لصالح قواتنا المنتصرة، سيستسلم العديد من أعوانه وتابعي نهجه الإرهابي، لكن نهجه التكفيري سيبقى، والتلويح بخطر الهلال الشيعي سيبقى، وثقافة ما يسمى بالجهاد الإسلامي ضد الرافضة المشركين عبدة القبور، والسنة المرتدين، والمتصوفة الخارجين عن الملة، والكفرة من الأديان الأخرى، ستبقى قائمة، وستبقى مساجد السعودية ودول الخليج الأخرى تجمع التبرعات للمجاهدين، ممن يخوضون حروب الإبادة ضد المخالفين، بعد كل صلاة قائمة، وسيبقى بعض العرب يوجهون لك السؤال نفسه: هل أنت مسلم أم شيعي؟! طالما هناك فكر سلفي بني على تكفير الآخر وإباحة دمه وعرضه وماله، وتهديم أضرحة الأئمة سيبقى ركناً أساسياً من أولويات السلفية الوهابية، هذا منهج صريح لا لبس فيه، وقتل الأشخاص والرموز لا يغير من ذلك شيئاً.
أستغرب من إن العالم الذي يدعي الحرب ضد الإرهاب يحتفي كثيراً بقتل الأشخاص، وما هم إلا أوراق لعب تحرق لتلقى غيرها، ولا يلتفت لتصحيح المسار الفكري، أو مكافحة ثقافة التكفير التي تنتجها المؤسسات السلفية، أين مساعي الولايات المتحدة لتغيير المناهج التربوية في السعودية؟
أين ما يسمى بقانون مكافحة الإرهاب السعودي؟
لحد الآن لم يطل سوى نشطاء الرأي والمعارضين السياسيين، هل حوكم إمام الحرم المكي حين صرخ بأعلى صوته هي حرب سنية شيعية؟
هل طال أحداً من مصدري فتاوى تكفير الآخر وقتله؟
ماذا ينتظرون وغالبية قادة التنظيمات الإرهابية سعوديون؟
هل أبطلوا بعض الفتاوى المناصرة للإرهاب؟ هل أبطلوا فتاوى تهديم القبور؟
هل أبطلوا فتاوى تكفير المسلمين من مختلف الملل والنحل؟
هل أفتوا بحرمة الانتماء للجماعات الإرهابية؟
الأمر لا يتوقف على الأشخاص فحسب، بل بحاجة إلى قرارات أممية وإسلامية صريحة وواضحة لمواجهة الفكر الوهابي السلفي، وإبطال كل الفتاوى الداعية للتكفير والتطرف والعنف بإجماع إسلامي، وفرض ضوابط أممية/ إنسانية على المناهج التربوية والتعليمية في جميع دول العالم، لا سيما ذات الصبغة الدينية لوقف كل فكر ظلامي ممنهج.