ونحن على أعتاب عيد الفطر المبارك، أعاده الله على بلادنا بالأمن والسلام والمحبة، ننتظر بفارغ الصبر أن يعلن النصر بتحرير كامل أراضي الموصل، ونتلقى بفرح غامر خلو العراق من شراذم داعش وأذنابها، إنه لعيد حقيقي يستقبله أبطال قواتنا المسلحة والشرطة الاتحادية وفصائل الحشد الشعبي بانتصاراتهم الساحقة، أيام مباركة نختتم بها شهر رمضان الكريم وأبطالنا يقاتلون من بيت لبيت، بينما جرذان داعش يفرون عبر جحور حفروها في جدران البيوت، سيندحرون بسواد وجوههم، وسننتصر بعزيمة شعبنا ووحدته التي لم تعد مجرد شعار رومانسي للاستهلاك الإعلامي.
عصابات داعش التي اتخذت من المدنيين دروعاً بشرية، في واحدة من استراتيجيات جبنها وقذارة نهجها، تستهدف المدنيين وهم يحتمون بقواتنا الباسلة طلباً للحرية، وقد أصاب قناص داعشي سافل من شذاذ الآفاق الطفلة مريم أحمد سمير ابنة الثالثة عشرة في جبينها بينما كانت ترافق أسرتها في رحلة الهرب من بطش الظلاميين في حي الزنجيلي، تلاقفتها أيادي الشرفاء من أبناء قواتنا المسلحة وقدموا لها الإسعافات الأولية، بعدها تكفل الناشط المدني محمد يونس العبيدي بالإشراف على علاجها، فأطلق حملة لمساعدتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أجريت لها عملية مستعجلة في أحد مستشفيات أربيل، وتحتاج ربما لثلاث عمليات جراحية أخرى، صبية بعمر الزهور تستقبل العيد بعين واحدة، ترى أية شهادة تحتاج داعش أكثر من هذه على بشاعتها ووحشيتها، مريم كما قيل عنها تتمتع بمعنويات عالية، فالعراقيون الذين تناخوا لمساعدتها من مختلف الأطياف أدخلوا السعادة إلى قلبها ليضاء طريقها بالأمل، غرفتها لم تخلُ من مواطنين يجلبون لها الملابس الجديدة والهدايا والعرائس، وتبرعات من مختلف أنحاء العالم، وهؤلاء هم العراقيون، قد تشتتهم الفتنة إلى حين، لكن لا تفرقهم، وحدتهم مريم مثلما وحدتهم حرب التحرير من الاحتلال الداعشي.
نريد عيداً بلا داعش، يعيد لمريم نور عينيها بالتفاتة سريعة من الجهات المعنية، بلا منة، لنقلها فوراً إلى أرقى مستشفيات العيون والتجميل في العالم، عيداً يكسي الطفل الذي أنقذه أبناء قواتنا المسلحة من بين الأنقاض عارياً، نعم تمزقت ملابسه فخرج كما ولدته أمه، كأنه ولد من جديد، نريد عيناً وليس ذلك بمستحيل، عيدية لمريم، وثوب أمان في منزل آمن عيدية لذلك الطفل الذي بعث من الأنقاض، وبشارة النصر هي عيدية الشعب العراقي بأجمعه.
ليس أمامنا إلا بضعة أمتار، وليس أكثر من 300 جرذ داعشي يزحفون تحت أنقاض الأزقة الضيقة والخرائب، وما هي إلا ساعات قلائل وتنتهي معركة الموصل القديمة ويتحرر جامع النوري الكبير بمئذنته التاريخية الحدباء التي تعد العلامة المميزة لمحافظة نينوى، وعلى أعتابه ستنتهي خرافة داعش وتتمزق راياتهم السوداء، سيصلي أبطال العراق صلاة النصر والعيد تحت الحدباء، ولا عيد للظلاميين القتلة ولا صلاة، ومريم سترى نور العراق الجديد المشرق، وستستنشق نسائم دجلة في مدينتها، بعدما أراد الوحوش إطفاء عينيها وكتم أنفاسها بإطلاقة الخسة والنذالة والغدر.