هذه الرسالة أوجهها إلى كل كردي عراقي في كردستان وخارجها، ولست معنياً بكل المشاريع السياسية التي أوهمتنا ولا تزال توهمنا بمستقبل أفضل، منذ تأسيس الدولة العراقية حتى الآن، فكل المشاريع السياسية تنبني على يوتوبيات تستحوذ على مشاعر الجماهير وتوجه وعيهم، لكنها في الواقع لا تمتلك استراتيجيات مستقبلية لتقديم الأفضل، ربما لأن الواقع أقوى من كل الأحلام، فتنحسر مهامها في الحاضر، خضعنا لمشاريع شمولية فرضتها الأنظمة ترغيباً وترهيباً، وبعد سقوط النظام الدكتاتوري وجدنا أنفسنا بإزاء مشاريع متعددة، متناقضة ومتقاطعة، غالبيتها تتغذى على أجندات خارجية.
رسالتي هذه ليست خطاباً عدائياً أو شوفينياً عنصرياً ضد أخوتي في الوطن، كما سيتهمني بعضهم، إنما هي رسالة محبة، دعونا نتحاور،
- هل سيشترك كل الشعب الكردي بالاستفتاء؟ هل ستكون النتائج نزيهة ولا يتم التلاعب بها أو تزويرها؟
- هل سيكون التوجه للاستفتاء سهلاً في المناطق ذات الصبغة السكانية المختلطة؟
- من سيعترف بهذه النتائج؟
- هل ستعترف بها الأمم المتحدة؟
- الاتحاد الأوربي؟ المحيط الإقليمي والعربي؟
- هل ستعترف بها الإدارة الأميركية؟ بريطانيا؟ دول إفريقيا وآسيا والهند وغيرها؟
- وإن قبل بها البعض، هل ستكون ذريعة كافية للانفصال؟
التقيت في عدة مناسبات عدداً من المثقفين والسياسيين الكرد، وكانت فكرة الانفصال مفعلة في أذهانهم، ولدى غالبيتهم تصور خيالي عن امتداد ذيلي عبر الحدود وصولاً إلى شط العرب فالخليج العربي، هذا رداً على من يحاججهم بعدم توفر منفذ بحري، أما قضية كركوك فهي ملف شائك وستكون بحد ذاتها قضية لا يمكن حلها لا باستفتاء ولا بانفصال ولا حتى بقرارات من مجلس الأمن، والأخوة الكرد يعرفون ذلك قبل العرب والتركمان، إذ ليس من السهل انتزاعها بالقوة كما يتخيل البعض، لا برفع الأعلام ولا بحرقها، لا بالاشتراك في الاستفتاء ولا بتطبيق المادة 140 من الدستور.
لسنا ضد تقرير المصير، ولكننا أبناء وطن واحد منذ آلاف السنين، وإذا كان هناك ثمن دفعناه في حروب ونزاعات، لم تنتج سوى الدمار والكراهية والحقد فهذا بسبب المشاريع السياسية وأهواء الساسة، وليس بسببي أو سببك أخي الكردي، تقاتلت مع أخيك العربي منذ الحقبة الملكية مروراً بكل الأنظمة الجمهورية حتى سقوط آخرها، وتقاتلت مع أخيك الكردي أيضاً، فاحسبوها جيداً، ليس كل ما نحلم به يمكن أن يتحقق على أرض الواقع، فكروا بالقوى الإقليمية المحيطة بكم وهي رافضة للفكرة، فكروا بعلاقتكم بأخوانكم العرب وهم لم يتقبلوا الفكرة بعد، ربما سيتقبلونها في ظروف أخرى على وفق مشروع وطني فيدرالي أو كونفدرالي، فكروا بقوتكم اليومي الذي سيكون تهريب النفط مصدره الوحيد، فكروا بعلاقات الحب والصداقة والمصاهرة بينكم وبين أخوانكم في الوطن، فكروا بمكتسبات حقيقية يمكن أن تتوفر في ظل عراق قوي موحد، المشاريع السياسية زائلة، أو يمكن تحويرها أو تكييفها بحسب الظروف، لكننا باقون بكل أطيافنا ومصالحنا واحدة، فلا تفرطوا بنا لأننا متمسكون بكم.