ستنتهي الدورة البرلمانية الحالية ولا تزال بعض القوانين رهينة الأدراج، يحاول البعض تسريع عجلة التشريع لسن بعض القوانين المعطلة في ما تبقى من الوقت، ومشكلتنا الأساسية على ما يبدو ليست في القوانين فحسب، إنما في مراقبة تنفيذها، فعادة ما تصدر القوانين بلغة عامة يشوبها الغموض، وتلحق بتعليمات توضيحية بغية التنفيذ، لكن الدوائر التنفيذية بحسب اجتهاداتها قد تعطل قوانين كاملة، مثلما حدث في بعض المؤسسات مع احتساب الخدمة الصحفية بناء على ما ورد في قانون حماية الصحفيين رقم (21) لسنة 2011، إذ يعاني بعض الزملاء من التعسف الإداري في تسويف حقوقهم، ففي الوقت الذي لم تستغرق فيه معاملة إضافة الخدمة الصحفية بضعة أشهر، هناك من ينتظر منذ سنوات وما تزال معاملاتهم تحت طائلة الروتين والتسويف غير المبررين، وهذا ناتج عن ضعف المراقبة وانعدام الحرص في تنفيذ القوانين، وغموض لغة التشريع وعدم دقة التعليمات ما يمنح الموظف المهمل فرصة للمماطلة، بل إن البعض يمتنع من تنفيذ بعض القوانين بحجة وجود تعليمات أو قوانين سابقة تتناقض معها من دون أن يراعي قاعدة القوانين تنسخ ما قبلها.
ربما تكون هناك قوانين ثانوية لا تمس المواطن مباشرة، ولا تعطل مصالحه، بالمقابل هناك قوانين تبدو في نظر البعض غير مهمة، لكنها في واقع الأمر تمثل حجر الزاوية لغيرها من القوانين وعلى رأسها قانون (حق الحصول على المعلومة) الذي طالبنا وطالبت العديد من الجهات والمنظمات المدنية بتشريعه، فقد ورث النظام الإداري في العراق تقاليد النظام الشمولي إذ يتحكم الموظف بمختلف المعلومات أو يتستر عليها أو يمنعها عن المواطن بذريعة أنها أسرار عمل، في حين أن حقوق بعض المواطنين تتوقف على بعض المعلومات، من جانب آخر نرى أن إخفاء المعلومات يشجع على الفساد بمختلف الأشكال إدارياً كان أم مالياً، فالمواطن لا يعرف كيف تتم التعيينات على سبيل المثال، كم عدد الدرجات الوظيفية المتوفرة، ما المعايير التي تم اختيار الموظفين على ضوئها، وقد فقد الثقة حتى بالتعيينات التي تتم عن طريق شبكة الإنترنت، فالواسطة والرشوة والمحسوبية قرينة كل شيء.
لنفترض أن مواطناً طلب معلومة من موظف، فهل سيتجاوب الموظف مع طلبه بأريحية؟ لا طبعاً، بما في ذلك المعلومة التي تخص حقه أو معاملته، ولنفترض أن المواطن أقام على الموظف المعني دعوى قضائية، فهل سيستجيب القضاء لطلبه؟
القضاء يرى أن الأصل في المعلومة هو الشيوع، وهذه من قواعد الفقه القضائي، لكنها ليست قانوناً، ولنفترض أن القضاء تعاطف وتجاوب مع المواطن، فبأي قانون سيحاسب الموظف وأي حكم سيتخذ بحقه؟ وكيف بنا إذا كانت دوائر القضاء نفسه تمتنع عن بذل المعلومة إلا بما تسمح به التعليمات؟
مهمة صعبة أمام مجلس النواب في أن يكمل دورته الحالية بإقرار جميع القوانين، وإذا كان البعض جاداً في السعي لتشريعها فإن البعض الآخر يتخذ من الأمر دعاية انتخابية مبكرة، وليس المهم إقرارها فحسب وإنما إيجاد آليات لمراقبة تنفيذها.