ليست الشكوك وحدها، بل بعض الخسارات غير المتوقعة لبعض السياسيين، هي ما دفع مجلس النواب أن يولي الأمر أهمية، فسرعان ما تحولت الجلسة التداولية إلى جلسة استثنائية بعد اكتمال النصاب، وهذا ما لم يتحقق من أجل قوانين مهمة ذات صلة بمصلحة المواطن، وقد صوت المجلس الموقر على قرار يدعو إلى مطابقة الأصوات بالفرز اليدوي في 10 بالمئة من الصناديق، وإذا ثبت وجود حالات تزوير بمقدار 25 بالمئة فسيصار إلى إعادة احتساب الأصوات بالفرز اليدوي، وهنا يتبادر للذهن سؤال مهم هو: ما نفع التصويت الإلكتروني والأجهزة وكل ما أثارته مفوضية الانتخابات من ضجة إعلامية بشأن القمر الصناعي والشاشات التي تعلن النتائج، وكذلك كل ما أنفق من ميزانية الدولة؟
يحاول مجلس النواب قبل انتهاء ولايته أن يعيد الثقة بالعملية السياسية، فالوثائق التي تشير إلى حالات تلاعب وتزوير ليست قليلة، فقد نشرت مواقع التواصل الاجتماعي العديد من مقاطع الفديو تؤكد وجود عمليات تدخل وتلاعب وشراء مراكز انتخابية، هناك أيضاً ما يشير إلى إلغاء أعداد كبيرة من الأصوات في كركوك، وخروقات في مراكز الخارج، والأمر نفسه يقال بشأن التصويت الخاص، وأعتقد أن كل حالات التزوير والتلاعب التي حدثت هي ذاتها كانت تحدث في الانتخابات السابقة، وربما كانت أوسع وأكثر تأثيراً على النتائج، لا توجد انتخابات نزيهة مئة بالمئة، لكن كثرة المقاطعين هذه المرة، وتدشين أجهزة جديدة تصورناها ستحد من عمليات التلاعب وإذا بها تخترق وتخيب ظننا، هما السبب في ردة فعل الناس والخاسرين من السياسيين على حد سواء.
هل أن إعادة فرز الأصوات يدوياً ستغير النتائج؟
إلى أي حد ممكن أن تختلف الأمور؟
لا نظن أن تكون هناك نتائج ذات تأثيرات جذرية، ربما سيكون الفرق مقعداً أو مقعدين على أكثر التقديرات، الفروقات لا تتعدى بضعة آلاف من الأصوات، وهناك كما أشيع أنواع من التزوير لا يمكن الكشف عنها، فالناخب دخل المركز الانتخابي بصورة أصولية، وبصم على الجهاز الذي أظهر بياناته، وتسلم ورقته التي يفترض أن يختم بقلم خاص على من يرغب بانتخابه، لكنه قرب الكابينة التي وضعت للحفاظ على سرية الاقتراع سيجد من ينتظره ليأمره بالختم هنا وهناك، وهذه الحالة حدثت مع الكثير من النساء وكبار السن، لا سيما الأميون منهم، فالبعض استغل سطوته في المجتمعات الفقيرة ليوجه الناخبين إلى مبتغاه.
بعضهم يرى أن إعادة الفرز ستصب في صالح بعض الخاسرين، أو هي مجرد مسرحية لإعادة بعض الوجوه القديمة ممن شكلوا جزءاً من ديكور العملية السياسية على مدى (15) عاماً، ويعضهم يرى في الأمر محاولة لاستعادة الثقة التي أهدرتها الانتخابات الأخيرة بما أحيط بها، أو هي لاسترداد بعض الغلبة أو التوازن بين الكتل التي تتنافس على تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، ونحن نحيل الأمر إلى القضاء ليرسخ ثقة المواطن بمهنيته.