عقدت الجلسة الأولى للدورة الرابعة لمجلس النواب، بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على أسماء الفائزين وإصدار مرسوم جمهوري، وقد ترأسها الأكبر سناً الخبير الاقتصادي في مجال الطاقة محمد علي زيني، وبقيت مفتوحة لأنها لم تحقق مهامها الدستورية، فلم يتم انتخاب رئيس ولا نائبين للمجلس، كما ينص النظام الداخلي، بل إن الجلسة شهدت انسحابات من كتل سياسية ونواب.
سائرون والنصر والحكمة والوطنية وغيرها ممن شكلوا كتلة الإصلاح والبناء ادعت بأنها تمتلك أكثر من 180 نائباً الأمر الذي يؤهلها لتشكيل الحكومة، بينما ادعت كتلة البناء والإعمار التي تضم الفتح والقانون وغيرهما بأنها الكتلة الأكبر بعدد 153 نائباً، وهذا مع غياب الكتلة الكوردية بشقيها، فهل ازداد عدد النواب؟!
وطالما لم يكن هناك تعريف جامع مانع للكتلة الأكبر، فقد أثير الخلاف بهذا الشأن مثلما أثير في انتخابات 2010 بين كتلة العراقية ودولة القانون، وقد أصدرت المحكمة الاتحادية في حينها قراراً بتعريف الكتلة الأكبر بكونها الكتلة التي تشكل داخل البرلمان وليس الكتلة الفائزة بعدد أكبر من المقاعد، أما الخلاف الحالي فهو مختلف، إذ يرى الفريق الأول سائرون ومن معها احتساب عدد المقاعد التي فازت بها الكتل المنضوية في تحالف، بينما يرى فريق الفتح ومن معها احتساب عدد النواب الفعليين الموقعين على الانضمام للكتلة، وهذا طبعاً سببه انسحاب نواب من كتلهم للانضمام إلى تحالفات أخرى، وأبرز تلك الانسحابات مثلها مستشار الأمن الوطني المقال وعدد من آخر من النواب.
لا يستطيع زيني أو سواه حسم هكذا خلاف والبت بتسمية الكتلة الأكبر، فذهب للخيار الأسلم بإلقاء الكرة في ملعب المحكمة الاتحادية، وهذا ما سيعقد الأمور أكثر مما هي عليه، فالمحكمة الاتحادية قد تعطي رأياً غير ملزم، وسيكون من حق المتضرر أن يقدم طعناً ويطالب بإصدار قرار قطعي، وهذا كله وقت مستقطع من حياة المواطن الذي ينتظر استقرار العملية السياسية ورسو سفنها الثلاث المحملة بالآمال، بينما الاحتجاجات تتصاعد ضد سوء الخدمات، لا سيما في البصرة التي عدها البعض منطقة منكوبة، بسبب الكارثة الصحية والبيئية التي تتعرض لها لارتفاع نسب الملوحة في شط العرب، ولم تجدِ كل التبريرات ولا الوعود ولا الحلول الآنية نفعا.
ينتظر المواطن العراقي ولسان حاله يقول:
انتخبناكم، وقاطعناكم، وتظاهرنا، وصرخنا احتجاجاً، وتحملنا الإرهاب، وقاتلنا، وضحينا، ودحرنا داعش، وصبرنا، فمتى ينطلق دخان الاختيار من قبة البرلمان؟!
مصالح البلد وحياة المواطن متوقفة على حسم خياراتكم، والواقع المسألة لا تحتاج إلى كل هذا التعقيد، فالكتلة الكوردية بشقيها هي الآن بيضة القبان، ووقوفها على التل، بلا خيار يعني أنها لا تمتلك استراتيجية واضحة لحسم موقفها وخياراتها، ولا يعني سوى شيء واحد في تقديرنا، هو أنها تريد أن تضمن المشاركة بالحكومة أياً كانت الكتلة التي ستشكلها، وقد تحسم الموقف في اللحظات الأخيرة بمشورة خارجية ووعود داخلية.