عجلة الإصلاحات تسير بخطى حثيثة، وقد جاءت الحزمة الثانية بعملية ترشيق الحكومة مناسبة للتخفيف من كاهل الدولة المثقلة بالترهل، فإلغاء خمس وزارات ودمج أربع بوزارات أخرى، بحيث يتقلص مجلس الوزراء من (33) إلى (22) وزيراً، لهي خطوة جريئة تصب حتماً في مجرى الصالح العام، من الناحيتين المالية والإدارية، على الرغم من أنها تثير تساؤلات عديدة منها: لم لم يتم دمج وزارة المواصلات بوزارة النقل؟
ودمج وزارة التربية بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي؟
ووزارة الموارد المائية بوزارة الزراعة؟
أو دمج وزارة النفط بوزارة الكهرباء تحت مسمى وزارة الطاقة، أسوة بالعديد من الدول؟
وهناك تساؤل آخر:
لم لم يتم دمج وزارة العلوم والتكنولوجيا بوزارة الصناعة والمعادن؟
ألم يكن ذلك أجدى من دمجها بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي؟
وهذه التساؤلات طبعاً مبنية على طبيعة الحقول التي تعمل فيها كل وزارة.
هناك تساؤلات أخرى تثار بين المهتمين، تخص القوانين الخاصة بكل وزارة، سلم الرواتب، المخصصات، الدرجات الوظيفية، آليات التنسيق مع وزارة المالية بخصوص المتغيرات، فضلاً عن تقاسم المسؤوليات بين العناوين الإدارية والتخصصات المتشابهة، لا سيما الدرجات الخاصة والمدراء العامون ومدراء الوحدات، وغير ذلك من الأمور التي قد تسبب إرباكاً إدارياً ومالياً، بل إن البعض يتخوف من أن الوزارة التي تم دمجها سيكون منتسبوها موضع شبهات أو اتهامات، سواء من ناحية ملفات الفساد أم ضعف الأداء الوظيفي، وهل سيشمل التقليص المدراء العامين وسواهم في الوزارة المدمجة أو إلغاء مناصبهم جميعهم، أم ستكون هناك عملية توازن في اقتسام المسؤوليات؟
وبرغم كل التساؤلات التي يمكن أن تثار، تبقى هذه الخطوة مهمة في الإطار الإصلاحي، وليس من المنطقي أن يعترض البعض بكونها ستحدث خللاً في استحقاقات بعض الطوائف والكتل السياسية، لأن المرتكز الأساس للإصلاح هو التخلص من مسلسل المحاصصات الطائفية والحزبية، وإلغاء المحاصصة يمثل روح المطالب المشروعة التي خرج من أجلها المتظاهرون، نحن بحاجة ماسة اليوم إلى تركيز قرارات السلطة التنفيذية لرفع مستوى الأداء، بالأخص في الوزارات الخدمية ذات المساس المباشر بحياة المواطن، بحاجة لوزارات عملية فعالة، لا مجرد واجهات لعناوين كانت في الأصل مديريات تابعة لوزارات، فعملية شطر الوزارات أو استحداثها بهذا الكم غير المجدي جاء تلبية لمطالب المحاصصة وليس للحاجة الفعلية للدولة، وقد آن الأوان للعمل على الخروج بتشكيلة حكومية عملية تراعي المصالح العليا للبلد وترعى مصلحة المواطن، في خضم ما تعانيه البلاد من أزمة مالية، وظروف أمنية في مواجهة عصابات داعش الإرهابية التي تحتل مدننا العزيزة، إلى جانب العمليات الإرهابية التي تطال المدنيين العزل في بغداد وغيرها من المحافظات، الأمر الذي يجعل الملف الأمني محوراً أساسياً لحزمة جديدة من الإصلاحات المنتظرة.