كثيرة هي الموضوعات الملحة التي تدفعني للكتابة سواء في الشأن السياسي أم في الشؤون الأخرى، وتزاحم الموضوعات في رأسي لا يمنحني فرصة للتفاضل، فهل أكتب عن كل شيء؟!
متاح أمامي بمناسبة الأول من محرم الكتابة عن هجرة الرسول الأعظم(ص) من مكة إلى يثرب، وقد أصبحت سنة أهل الحق في تفادي خطر أهل الباطل، حتى يتمكنوا من أمرهم، وما أكثر المهاجرين في زماننا، بصرف النظر عن مقارنة الأسباب والدوافع، ومن المناسب جداً الكتابة عن انتصارات جيشنا الباسل وحشدنا الوطني وأبناء العشائر وقوى الأمن الداخلي، ممن يسطرون الملاحم البطولية ضد عصابات داعش الإرهابية في الرمادي وبيجي وسواهما من أراضينا المحتلة، أو عن وسائل الإعلام المغرضة التي تحاول التقليل من شأن تلك الانتصارات.
وماذا عن الحلف الرباعي الذي أصبح الشغل الشاغل للبعض، بين موافق ومستبشر ورافض ومتشائم؟!
ومن من الدول ستنضم لهذا الحلف؟ بل ماذا عن التحالف الدولي الذي بات موقفه حرجاً أمام الصاعقة الروسية التي سحقت داعش ودكت أوكارهم في سوريا؟
ألا يستحق الأمر منا اهتماماً وتحليلاً؟
وسط دهشة الشارع العراقي وتساؤلاته المشروعة: هل ستعطي حكومتنا الضوء الأخضر لروسيا أم لا؟ ما الذي يحول دون ذلك؟
وهل أن بوتين جاد في تصريحه الأخير بشأن الحصول على قرار أممي للتدخل في العراق؟
تناقلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي خبراً مفاده: إن ملك السعودية اتفق في زيارته الأخيرة لواشنطن مع أوباما على استعداده لمساعدة العراق بالتخلص من الإرهاب وضمه لمجلس التعاون الخليجي بشرط التخلص من النفوذ الإيراني، والمحادثات متواصلة حتى مع مكتب المرجع الأعلى السيد علي السيستاني بشأن الإعداد لتشكيل حكومة جديدة برئاسة (عماد الخرسان)، وقد أبدت المرجعية قبولها للأمر مع التريث بشأن تشكيل حكومة جديدة لإعطاء السيد العبادي فرصة للإصلاح، ألا يستحق هذا الأمر بحثاً وتمحيصاً وتدقيقاً لما فيه من الإرباك لوضع البلد؟!
فبعض الجماعات الضالعة في الإرهاب تطرح نفسها بصفة المعارضة وبهذا ستكون لديها حجة للعمل على هذا النهج، بل إن الأمر لا يخلو من تلويح للعفو عن جميع الإرهابيين وإشراكهم بالعملية السياسية مقابل إنهاء أعمال العنف ودخول العراق لمجلس التعاون، وقد يكون الأمر مجرد شائعة، أو (بروبكندا) إعلامية لجس النبض وتوجيه أنظار العراقيين عن أهمية قراءة التدخل الروسي من زاوية العودة للتوازنات الدولية؟
أو إنه مجرد مغريات تقدمها أميركا وحلفاؤها للحيلولة دون قبول العراق بالتدخل الروسي.
وبين هذا وذاك لا يمكن أن نغفل عن أهمية الحديث عن الحراك المدني الذي يسود الشارع العراقي، إذ لم تتوقف التظاهرات عند حدود ساحة التحرير أو مراكز المحافظات الوسطى والجنوبية، بل وصلت إلى وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية والمالية، فضلاً عن مجلس القضاء الأعلى، وانطلقت شرارتها في كردستان لتشهد تصعيداً بلغ حد الخطر، بالمقابل لا يمكن إهمال الكتابة عن الإصلاحات التي من المؤمل أن تلبي بعض مطالب المتظاهرين، فقد طغت بعض الأحداث على ملف الإصلاح، وهناك من يفتعل الأزمات الجانبية لتوجيه الأنظار عن ملفات الفساد التي نعتقد بأن كشفها لتعرية المفسدين ونيلهم الجزاء العادل لا يقل أهمية عن محاربة الإرهاب، وموضوعات أخرى أتجنبها الآن لأتقدم لأبناء شعبنا الأصيل وللأمة الإسلامية المبتلاة بالاستبداد والطغيان ووحشية الجماعات الضالة، بأسمى التبريكات لمناسبة حلول السنة الهجرية الجديدة، واستقبال شهر محرم الحرام، شهر الثورة وانتصار الدم على السيف، وأننا لعلى ثقة مثلما انتصر الحسين بدمه سننتصر بعراقيتنا.