منذ أشهر والمعارك تتصاعد في بيجي، وليس أمامنا سوى تحريرها، لا لأهميتها الاقتصادية المتأتية من مصفى النفط فحسب، وإنما لكونها تمثل سرة الطرق التي تربط عموم المنطقة الغربية، عصابات داعش الإرهابية تدرك ذلك جيداً، لذلك تحاول ألا تخسرها بأي ثمن، بالمقابل فإن قواتنا الأمنية بمساندة الحشد الشعبي وأبناء العشائر كانوا حذرين أشد الحذر لطرد العدو الداعشي بأقل الخسائر، فمنطقة المصفى تعد من المناطق الخطرة، وقد حاولت داعش في معارك سابقة إشعال النار في بعض خزانات الوقود، الأمر الذي يهدد بكارثة لعموم محافظة صلاح الدين، لكن ولله الحمد تحررت بيجي والمناطق المحيطة بها لتفتح الطريق أمام تحرير محافظة نينوى الصامدة.
عصابات داعش أصدرت أمراً بإعدام كل من يتحدث عن تحرير بيجي، والفضائيات الداعشية المعروفة راحت تراوح بين التشكيك وتشويه صورة الانتصارات التي تحققت على أرض الواقع، وبعض الوجوه الكالحة التي تطل من بعض الفضائيات بدت عليها علامات التوتر وهي تحاول إنكار ما حدث على أرض الواقع، ولا تريد الاعتراف لا لأن مجرد منطقة تحررت، بل لأنها بيجي، وبيجي التي تعني سقوط داعش وتحرير سائر البلاد من دنسها، تعني أيضاً لدى بعض السماسرة مورداً اقتصادياً عن طريق التهريب، وتعني الممر الذي يربط نينوى بالأنبار، وقد وصل الأمر بإحدى قنوات الفتنة أن تخطط لما بعد تحرير بيجي، فراحت تذيع أنباء كاذبة عن اعتداءات وعمليات نهب وسلب، متهمة كالعادة قوات الحشد الشعبي البطلة، بعد أن تيقنت من تحريرها بالكامل.
بعد بيجي أصبحت الشرقاط على مرمى حجر- كما يقال - وقد وردت أنباء من داخل الشرقاط عن استعداد أبنائها النجباء لاستقبال قواتنا الباسلة وأبطال الحشد الشعبي، وبهذا تكون الموصل قاب قوسين أو أدنى، بينما تشهد الأحداث تراجعاً واضحاً وانهياراً لعصابات داعش، بعدما انهارت أوكارها في سوريا نتيجة الضربات الموجعة التي يوجهها الطيران الروسي وقوته الصاروخية، وليس أمامنا سوى خوض المعركة بشرف لتطهير كل شبر من تراب الوطن، لا سيما أننا نعيش أيام الشهادة والبطولة، أيام الثورة الحسينية التي حفظنا دروسها البليغة في مواجهة البغي وقوى الضلالة والظلم.
بيجي ليست مجرد مصفى نفطي، وليست مجرد مناطق سكنية مجاورة له، بل هي عقدة استراتيجية في الحسابات السوقية، وكانت المعارك عليها كراً وفراً، بين قواتنا الباسلة وعصابات داعش التي أعدت مئات العجلات المفخخة للحفاظ عليها، لكن ساعة الصفر قد حانت، ونقلت المعركة إلى خارجها، بعد تحرير الصينية وصولاً لمشارف الشرقاط التي ستكون نقطة الحسم وبوابة الدخول لتحرير الموصل الصامدة التي نتوقع أن تكون معركة تاريخية خالدة تندحر فيها عصابات داعش ويقبر فيها شبح دولتهم السوداء.
لنعترف بأن ما يقدمه إعلامنا مقابل هذه الانتصارات لا يرقى في تأثيره لما تقدمه القنوات المغرضة المعادية للعراق، ذلك أن الإعلام يشكل ثلثي المعركة، ونحن أمام فضاء مفتوح، وإعلام تجاري مأجور، ومؤسسات إعلامية ممولة من دول تمول الإرهاب وتعادي العراق، وتسعى لتقسيمه وإثارة الفتن وتشويه حقيقة الانتصارات، ولا نملك عبر القنوات الدبلوماسية خطاباً أو إجراءات رادعة لوقف تلك القنوات ومن يقف وراءها، وليس بوسعنا سوى أن نشد من أزر مقاتلينا الأشاوس بنشر الحقيقة وبتمجيد بطولاتهم والرد بحزم على من يحاول النيل منهم وهم يضحون بأرواحهم بينما ننعم بالراحة والأمان.
المجد والخلود لشهداء العراق الأبطال والشفاء العاجل لجرحانا.
ومن نصر إلى نصر بإذن الله.