بعدماأخذت بعداً أممياً، أطلق بعضهم على الحرب ضد داعش (الحرب العالمية الثالثة) فهل هي حقاً كذلك؟
هل يمكن أن نعد داعش طرفاً والعالم طرفاً آخر؟
الإدارة الأميركية شكلت تحالفاً دولياً منذ سنة وشهرين تقريباً، روسيا دخلت على خط محاربة داعش، عصابات داعش تضرب فرنسا في عقر دارها، وتنشط عملياتها الإرهابية في مالي، وتهديدات أمنية في بروكسل، وإيران هي بالأساس طرف فاعل ضد داعش، سواء في سوريا أم في العراق.
وتضطلع دول كثيرة كالسعودية وقطر وتركيا بأدوار مشبوهة متناقضة مع ما يعلن عنه العالم، أميركا تقصف أوكار داعش بحسب ما تتناقله الأنباء، لكن عملياتها لم تشكل خلال أكثر من سنة، ما يساوي 10% مما حققته روسيا في سوريا، في وقت قياسي.
وهناك أنباء بشأن قرار روسي للقضاء على داعش في سوريا قبل نهاية هذا العام، وربما ستتوجه لملاحقة فلوله في نينوى.
إذا كانت عصابات داعش الإرهابية تشكل اليوم خطراً على كل أنحاء العالم، فلماذا لا تكون هناك وقفة أممية جادة لمواجهة هذا الخطر؟
لماذا لا تكون روسيا ضمن التحالف الدولي؟ لماذا يتقبل العالم الضربات الروسية في سوريا ويرفضها في العراق؟
لماذا لا توافق الحكومة العراقية على تدخل روسي يختصر المسافات؟
لماذا هناك أطراف إقليمية ومحلية تعترض على التدخل الروسي والإيراني، ولا تعترض على التهاون الدولي بقيادة أميركا؟
هذه الأسئلة تضعنا أمام حقيقة واضحة، هي أن لكل طرف يحارب داعش مشروعه الخاص، فلأميركا مشروعها ولروسيا مشروعها المختلف، ولإيران مشروعها مثلما للسعودية وقطر وتركيا مشاريعها المختلفة،.
فهل يحق لنا أن نصف الحرب ضد داعش بحرب المشاريع؟
مجلس الأمن الدولي يتبنى مشروعاً فرنسيا لمحاربة داعش ومثيلاتها من التنظيمات الإرهابية، روسيا تقدم صيغة جديدة لمشروع كانت قد قدمته في أيلول المنصرم، ولاقى تحفظات كثيرة لأنه يوصي بمشاركة بشار الأسد في الحرب ضد داعش.
وقد يصار إلى الجمع بين النصين، لا سيما هناك تحركات تشير إلى إمكانية اشتراك قطبي التحالف الأميركي والروسي معاً لمكافحة الإرهاب.
أشار المشروع الفرنسي إلى تجفيف منابع الإرهاب ومنع تمويله.
في الوقت التي تشير به أنباء مسربة إلى صفقات سلاح وأموال تحاول بعض الدول الإقليمية إيصالها لجماعات إرهابية في سوريا،.
الأمر الذي يضع تلك الدول بمواجهة روسيا التي لن تنتظر قراراً أممياً لضربها، إسرائيل التي تعيش بمأمن من خطر داعش ستكون المستفيد الأكبر من أي حرب، على إن أمن إسرائيل مطلب أميركي - غربي لا حياد عنه، بينما يتواصل الخطاب السلفي الوهابي المتشدد الذي تستمد منه الجماعات الإرهابية مشروعيتها، فإذا ما انتهت داعش ومثيلاتها لن تنتهي ثقافة التطرف التي توفر الحواضن الشرعية والكفيلة بتفريخ المزيد.
ولن ينتهي الإرهاب ما لم تنتهِ الأنظمة التي تتبنى الوهابية، وليس الإسلام، ديناً رسمياً يضمن بقاء عروشها.