لا يولد الانسان نقيا ابدا، قد حسمت جيناته الوراثية الصورة التي سيبدو عليها، ويفكر فيها، ومنذ اللحظات الاولى لوعيه البشري، وهو لم يزل في بطن امه، يلتقط الاشارات الصوتية الاولى لما حوله، صوت الام، صوت الاب، كل الاصوات الخارجية، اضافة الى صوت قلب الام المرعب الذي يدق كالطبل في أذنيه، وأصوات مختلفة من كل الاجهزة الحيوية الاخرى، دخول الطعام، وعملية هضمه، أي خوف أو ارتباك لدى الام سيتلقى هو نسبة منه، ولانه لا يفقه كل ما يستقبله، فان اول شعور قد يستبد به هو: الخوف..
انه بحاجة الى حضن ام كي يزول ما ألم به من رعب، بحاجة الى الطعام، و مع قطرات الحليب الاولى يستلم الطفل مناعة الام، مثلما يستلم كل انفعالاتها ايضا..
كنت اسمع من أمي ان من صالح الحامل، وجنينها، او من هي في حالة نفاس ان لا تبلغ بخبر سيء، لان الصدمة التي ستعيشها، سيعيشها الطفل معها.
وما قالته امي غير المتعلمة اكده العلماء والباحثون، فالجنين لا يعيش في جنة كما نظن، بل هو يتوق الى حريته من سجن تضيق به حركته، ويرتعب قلبه لما فيه من اصوات مبهمة، ولكي يزيد شعوره بالامان تستخدم معظم الامهات القماط في الايام الاولى، لانه قد اعتاد على ضغط بطن الام، ومحدودية عالمه، والحركة فيه، و تركه حرا بعد الولادة يزيد من احتمالات الصدمة الولادية لديه.
يكبر هذا الطفل وفقا لما يتلقاه من اوامر، فهنالك ما هو خطر عليه، وان تجنبه سيجنبه الم لمسه، وهنالك ما هو محظور تسبقه كلمة (عيب) التي لا يمكنه مناقشتها ابدا، هنالك العقيدة التي عليه ان يؤمن بها دون فرصة اسمها الخيار، هناك المذهب الذي عليه ان لا يعرف سواه.
وعلى فرض ان هذا الطفل(الذكر) مسلم، فسيتعلم جملة من الحقائق:
- كل من لا يؤمن بالاسلام هو كافر.
- الكافر لا يستحق الحياة ومن واجب المسلم ان يقتله.
- الكافر سيحصل على جهنم، والمسلم على النعيم مع حور عين بعد الموت.
- الجنس والحديث فيه محرم.
- طاعة اولي الامر واجب مقدس.
- الجهاد واجب كل مسلم متى افتي به.
مع كل هذه المعلومات سيعرف ايضا:
- الحجاب هو عفة الانثى، وكل غير محجبة هي الشيطان بعينه.
- هو ليس مسؤولا عن تفاعل جسده مع ما يثيره، اي ان عري الانثى هو المسؤول بشكل كامل عما يسلكه الذكر تجاهها، فاذا حدث ان اغتصبها، فذلك لانها لا ترتدي الحجاب، اما اذا اغتصبها، او تحرش بها وهي محجبة، فذلك لان الشيطان وسوس له بذلك، والشيطان، والمرأة صنوان يتحملان مسؤولية اثامه، فهما من يقوداه نحو الخطيئة، وعقله لايمكنه التحكم بهذه الاقدار التي فصلت وفق مزاجه الهمجي.
- المرأة ادنى ذكاء منه، وهي مخلوق حقير خلقه الله ليتمتع الذكر به، ولتنجب الاطفال، وانجاب الاطفال مهمة يسيرة مثلها مثل الاعتناء بالطفل، وعمل البيت.
- عقل المرأة لا يمكنه ان يقرر شيئا لانه يتأثر بعواطفها، والقرارات السليمة يجب ان تصدر عن قلب متحجر لكي تكون عادلة، ومستقيمة.
- الملائكة تلعن المرأة حتى الفجر ان لم تستجب لنزوات الذكر وقتما شاء.
- المرأة هي شرف الرجل، والشرف يتلخص في فتحة فرجها، بامكانه ان يسرق، ويكذب، وينافق، ولا ينجز عمله باتقان، ويرتشي، وسيظل شرفه غير مدنس مع كل تلك الاثام.
- الفرج الذي انجب الانسان في لحظة الم لا يطيقها اي ذكر هو افضل شتيمة يحارب الذكور الاخرين من خلالها، فالشتيمة المزينة بمفردات مثل فرج امك واختك هي خير وسيلة لتحطيم الذكر الاخر.
- ما تفعله الانثى يجب ان يكون ضمن تقاليد يضعها الفكر الذكوري، ان خالفتها ستحرم من كل شيء، وربما تعرض نفسها الى اضرار فيزيائية قد تصل الى القتل.
- ضرب الانثى الناشز واجب شرعي، و نوع، ومعنى النشوز له من المطاطية ما يكفي لمعاقبة الانثى كما يحلو للذكر تحت هذا البند القرآني.
- الزواج من اربع هو حق كل من يمكنه وضعه الاقتصادي من ذلك، وعلى المرأة احتمال تحويله لها الى شيء يستخدم بين يوم وآخر، اي احتجاج منها هو ضد شرع الله، مشاعرها، وحبها له يضربان عرض الحائط لانه اشتهى امرأة أخرى، مشاعر اولاده لا مكان لها عنده، عليهم ان يتقبلوا حقيقة ان امهم مجرد شيء يحق له استبداله كل فترة بمن تفوقها جمالا، وقوة، وصحة.
- الذكر قوام على الانثى لانه الجنس الافضل، ولانه هو من ينفق عليها، وان شاركته في الانفاق يظل هو سيد البيت بحكم اعراف وتقاليد المجتمع.
- الحرب شأن ذكوري، والانثى لا تقاتل ليس لانسانية، ورحمة فيها، بل لانها كائن ضعيف، وتحمل مناظر الدماء والجثث هي فضيلة اختص بها الذكر دون الانثى.
- تعليم الانثى يعني انها ستجعل رأسها برأس سيدها، وولي نعمتها، وهنا يمكن ان تحرم منه وفق مزاج الذكر، ودرجة تحضره، ولا وجود لقانون يعاقب الذكر الذي يحرم امه، او اخته، او ابنته، او زوجته، او اية انثى من اقاربه مكنته ظروف الحياة منها من التعليم، والعمل.
- باختصار شديد المرأة وعاء شهوات الرجل في البيت، والشارع، والعمل، وهي من تتحمل كل آثام نزواته، فلولا جمالها، او ملابسها لما كانت هنالك خطيئة.
- الزنا امر شائن تتحمل ذنبه الانثى وحدها، وان كان اغتصابا، لانها هي من اخرج ادم من جنته، وجسدها المثير هو المحرك الاول لكل جريمة اغتصاب، لكل تحرش، لكل ما يضر شرف الذكورة.
- الانثى التي بحوزة اي ذكر هي ملك يمين، وهو من يتخذ كل قرار يخصها، والانثى التي بحوزة الذكر الاخر هي مشروع اغتصاب، وتحرش، وخداع، هي متنفسه لكل ما يحرمه الشرع والتقاليد.
- كل ما يحدث في الحياة هو مكتوب على الانسان، وقدر، وليس عليه ان يحتج، او يحسن من احواله، او يثور ضد الظلم، فهذه الحياة مقررة سلفا بكل تفاصيلها.
- الصبر مفتاح الفرج، وليس الثورة، والرفض، والعمل من اجل التغيير.
- الخير في ما اختاره الله، اما الشر فمصدره ابليس، وعليه ان يلعنه كل لحظة، ويبريء الله من سوء ما حصل، هنا يمنح ابليس قدرات خارقة على التحكم بما يحدث في الارض من شرور، وهي موازية لقدرات الله في صنع الخير، هذه المنحة الذكورية لابليس لا تعني الاشراك بالله، وتنصيب اله خاص بالشر، واخر بالخير، وهذا تناقض من جملة تناقضات لا حصر لها يعاني منها المسلم دون ان يعيها ابدا.
اذا قدر لهذا المسلم ان يصل الى موقع الزعامة فانه سيتصرف بما امره الله به، وان لم يكن مؤمنا بوجود الاله:
- طاعة الشعب هي واجب ديني، من يخرج عنه كافر، او ملحد، او ان افكاره هدامة.
- اموال المسلمين هي رزق انعم الله به عليه، ولا يجب ان يحاسب ان ساء تصرفه فيها.
- الفقر قدر قدره الله على الفقراء، وليس من شأن الحاكم ان يتلاعب بما حكم الله به مسبقا.
- تستخدم الآيات الخاصة بالقتال في القرآن لقتال اي دولة او مجموعة من الناس يرى الحاكم ان قتالها مفيدا لمصالحه الخاصة.
- الآيات طيعة، وتفسر وفق فقه السلطان، وهنا لابد من نبذ كل من نادى بالحق، واكرام من تفقه لصالح السلطة.
- تحكم شؤون الانثى وفقا للقرآن، والسنة النبوية، والاعراف، والتقاليد، وان تعارضت الاعراف مع القرآن فالقول الفصل للاعراف، مثلا في القرآن هناك عقوبة الجلد للزاني، والزانية، ولكن الاعراف، والتقاليد تأمر بقتل الانثى، وترك الذكر المشترك بفعل الزنا سائبا، ومعظم القوانين في الدول الاسلامية تتضمن قانون جريمة الشرف التي تتراوح عقوبتها من سجن لبضع سنوات الى الاعفاء التام من اية عقوبة حتى وان ظهر ان المجني عليها بريئة من الزنا، فالكلمة التي تقال عنها، وتخدش شرف الذكر تمنحه سلطة قتلها دون ادنى محاسبة من القانون.
- الزكاة واجب طوعي، وغير الزامي يحتكم في امرها الى الضمير ان وجد، ودرجة الايمان، والمعرفة باحكام الشرع.
- الحاكم يحكم مدى الحياة، وآية (وامرهم شورى بينهم) تلغى تماما.
- العقوبات التي تنزل بمن يحتج على ظلم الحاكم تخضع لقراراته الشخصية بعيدة عن اي قانون دستوري، او الهي.
- اذا منح الله قدرة للحاكم على احتلال دولة مجاورة فهذا مصدر رزق الهي، الاناث سبايا، والاموال غنيمة، وكل من لا يؤمن بالاسلام يقتل او يدفع الجزية، مع التذكير بان الاناث مجرد سبايا، لا حقوق لهن على الاطلاق مع اولادهن.
انا لم اذكر كل المغريات التي تمنح للذكر وفقا لكتاب الله، وتفسيره، والسنة النبوية، وتفسيرها، والسلف الصالح، وما فعلوا، انما اشرت لنماذج منها، لكي انبه ان السلطات الواسعة تحت هذه الخيمة المنسوجة من القرآن، والسنة، والسلف الصالح + الاعراف، والتقاليد المصنوعة تحت ولاية الفكر الذكوري تعني الجنة بعينها، لا تغري اي ذكر في الثورة ضدها، فهو الحاكم المطاع في بيته وخارجه، ما الذي يجعله يثور ضد احكام تصب لصالح نزواته، وانانيته؟؟؟.
ان الجنة التي وصفت في القرآن خلقت حور العين الجميلات لخدمة شهواته وغرائزه، والفاكهة لنهمه، والارائك لراحته، والغلمان لخدمته، والله اعلم بنوع هذه الخدمة التي تبدو مع الاقراط التي تزينوا بها ليست مجرد حمل للاكواب، والجنة نفسها لم تذكر ابدا كيف يكون حال المرأة هناك، هل تنتظر زوجها حتى ينتهي من مضاجعة اول حورية لسبعين عام؟؟؟،
ام انها ستمارس الزنا مع الغلمان؟؟،
ما موقف الرجل المؤمن وهو يرى زوجته تحت غلام جميل؟؟.
هذه الجنة تطابق ما يريد المسلم ان تكون عليه الحياة، فهي لا تعتمد الذكاء، ولا الطموح، ولا العمل، ولا السعادة في عشق امرأة واحدة، انها تعتمد الكسل، وتحكيم الغرائز فحسب، تلبي شهوة الجنس، وشهوة الطعام فقط لا غير.
ليس في الجنة ما يذكر ان حور العين ستتمتع بوطء الذكر لها، ولم تخبرنا هل ان تمزيق عذريتها سيكون مؤلما لها؟،
هل ستلوث الجنة بدماء عذريتها من جديد؟؟،
اليس هناك من مهرب لدم الظلم حتى في الجنة؟؟، وشخصيا اتساءل كيف لرجل ان يستمتع بدمية لم تعرفه مسبقا، لا تحبه ابدا، يمزق بكارتها الى ما لا يحصى من المرات؟؟.
ان الجنس هو عملية استمتاع متبادل بين انسانين ناضجين، والمتعة التي تقوم على طرف واحد هي متعة سادية، وشاذة، وظالمة لا يمكن ان يرتضيها الله، انما تتطابق مع شهوات الذكر السادي، وحبه للسيطرة، ولدين الذي يطوع، ويفسر وفق اهواء ذكر متسلط، ويضع كل هذه الشهوات تحت امرته لا يمكن لأي ذكر ان يغادره، ففيه كل ما يطلب ويتمنى، انه يجعل من السلطة الالهية سوطا في يد الذكر، يتحكم من خلالها بالشعوب، وبالانثى التي يخشاها، وبالمال الذي يزيد من حجم سلطاته، ومن هنا تستمد هذه الهمجية ابديتها، وتوقفها عن مواكبة الحضارة...
مع هذا الاسلام الذي صنعه الفكر الذكوري، وسخره لخدمته لن نكون الا شعوبا كسولة، عاشقة للرشوة، وجرائم اغتصاب الاناث، والاطفال، وكل ضعيف لا يقوى على مقاومة من هو اشد منه قوة، شعوبا مطيعة للظالم، شعوبا لا تبصر، تعشق الاتكال على الله، والصبر على كل مكروه في انتظار نصرته، ولا اظن الله ناصرا لمن يتحلون بهذه الصفات القبيحة...
هو لن يكون معنا، ونحن نظلم الناس باسمه، نقتل، ونغتصب، ونسرق باسمه..
لا تنتظروا الله، بل سيروا نحوه بالثورة على الظلم، بالتعامل الانساني مع المرأة، والطفل، بمحاربة كل من يشوه صورة العدالة.
الله هو الحق، فليكن الحق قبلتكم لا سواه...