أجل..
هو من إرتقى عرشه حيث ترتفع الأبصار فلا ترتد إلا والصبا رحيق بقائها، ورعشة النبض في شريان جنين يولد..
وقد بدا وكأنه للسحاب رفيق، وحِجر تتلاطم فيه ذروات طيشه وعبثه..
بزته الموغلة في نزقها جعلت من زغب جسدي ينتصب ما أختال أمام ناظري..
أيمكنني الإدعاء بعد يقين أبهرني بإتقاده انه ما كان بهيئة يسيل لها اللعاب؟؟..
أبرقت عيناي، وأستبشر شوق أمطاري بجذل الهطول..
تأرجحت العروق في بدني، وشهق النسغ في مسراه وأنا أستشعره يجتاحني لبرهة من الزمن..
فأمد لقلوعي نسيجها اللامتناه حتى يقظة عطائه المتفجر..
إقتربت منه فدانيت قدسية تفرده ، وآنتحت بي رغبة اقتطاف محرماتها..
بين أضلاعه تقيم الملائكة طقوسها، وتمرغ وجوهها بطراوة عشب الربيع الغَرور..
إستكانت ديباجة بزوغه دون حراسة.. دون تحذير يمنعني أو يمنع غيري من الطامعين في إغتنام فرصة إمتلاكه..
من سيجرؤ على إتهامي بالإثم لو أنني الساعة قد غرقت فيه لأعرف معنى الإرساء عند موانئه الشبقة؟؟
أتراه قبس لأعين أجهلها..
ام أنه لم يلوث بعد بمطامع البصر دون البصيرة؟؟..
سافرت بحدقتين يكسوهما التوق حتى آخر خيط ضوء مرئي.. و ترقبت أذناي إلتقاطها لومضة صوت غريب..
كان للفضاء أن يدعوني للإختلاء به..
وللشمس أن تبارك وجودي معه..
الطبيعة بكل مقتنيات خالقها تحولني الى كتلة رغبة لا مناص من طاعتها..
رغم جذوره الضاربة في عمق إحمرار الأصيل..
لم تر عيناي غبار القـِدم الذي إكتنف زفيره العطر..
مثلما لم ألمس ترفا على محياه..
رائحته تشد أي طارق لسبيله..
وقد ولهني حتى قبل أن اشتهي إصطفاءه لنفسي..
جمر يتقد كدأب موقد شتاء على تحدي نثيث الثلج يغمرني بدفء لذيذ.. تموج في جسد النسيم يحملني كبذرة لقاح تفوح ذكورة ، وتسعى ذائبة في فرط حبورها نحو الإتحاد بميسم لزج..
تلمست تناقض الغسق على هضيباته، ورباه الناضحة بأغصانها الغضة..
وقدح في جسدي بركان صهواته المتأرجحة بين فردوس وآخر..
أمرت جسدي بالإذعان لهواه..
وترنحت بين صباه وكهولته..
أطلقت العنان لفحيح المسامات، وهي تستنشق هوام أفيونه..
تنحى قوس قزح عن مواضع سحبي النديفة.. وآستقر بزهوه بين نهدين ضجرين من مداعبات بحر مأسور عند شطآن أنوثة..
تدفق وجده من سرة الكون حتى معصم الشبق.. وطفا الشهد على سندس عشق يذوب بين إستبرق وآخر حتى بطون الأرائك..
الباب الذي فتح ذات صراط مستقيم بين شرنقة، وعزف جناحي فراشة ، قد أغلقته ساق الريح العارية عن موبقات خريف..
العرش، والفضاء يكسوان طريقي نحوهما بخطى عودة مستباحة..
والغلمان ينكبون على فوهة ثورة..
الذبول يضطجع كطريق خرف لا تتخطاه قوافل الحجيج حتى ينال ما أخضر منها وما أينع..
دبت أناملي في توحدي المستديم به..
دب الحياء من ماض لم تفارق جاهليته حرير ثوب الشمس قبل إرتمائها بين زندي الغروب..
صغائر الرمال تتحدى السيوف القائمة على قلاع عيني، فتقتلع منابت النجوم.. وشتلات الضوء اليانعة عند الرايات الحمراء..
تنهدت الكثبان في روحي.. وتجعدت أهلتي في سماوات تتلاشى خلف غضب آلهة لم تمنحني تربة عبادتها.. ولا سديم حريتها..
أطلقت تنهيدة قريش الأولى، ثم الثانية، وتوزعت ذراتي بين ذراعي جماع مدنس بجبروت إبليس..
ترجل السائل المرتضى بين فخذي الغسق، ومس نهايات نهار مقدس، فَتِح كل فرج يسيل بغيثه نحو الغد.. ودَسَّت أعواد القصب بين اثداء هور يمور..
إستنفذ الشهيق كل هوى يمتطي أكاذيبه.. وأرخت القلوع تعنتها عند كل مرسى..
خبا الضوء.. إبتلت لوحة المفاتيح بشاطيء فرات توسد الشاشة..
همدت ساقان.. قذف القلب صلواته.. ولقح فؤاد إعرابية.. واغلق حاسوب بين متاهات الأقمار الصناعية.