قد يكون هذا العنوان مفاجئا وصادما للكثيرين ولكن هذه حقيقة وفقا لقانون العقوبات العراقي النافذ والمرقم 111لسنة1969 والذي لايخلو من نصوص تمييزية شرعت ضد كرامة وانسانية المراة واجحافا لحقوقها وخصوصا ما نص باحكام المادة (380) منه على ((كل زوج حرض زوجته على الزنا فزنت بناء على هذا التحريض يعاقب بالحبس)).
وهنا لاجريمة على الزوج بتاتا على تحريضه لزوجته على الزنا مالم يقع فعل الزنا الذي حرض زوجته عليه فمن خلال تدقيق نص حكم المادة اعلاه يتاكد لنا ان التحريض على الزنا وحده لايشكل جريمة ويبقى الزوج بعيدا عن نيل عقوبة الحبس المقررة بموجب المادة اعلاه لان الركن المادي لهذه الجريمة لايتحقق الا بوقوع فعل الزنى..
وهذا امر غير مقبول شرعا وقانونا ومنطقا وفيه امتهانا وانتهاكا خطيرا لكرامة المرأة وانسانيتها فكيف يمكن ان ترفض شكوى الزوجة على زوجها لتحريضه لها على الزنا فقد تتعرض بناء على ذلك للمضايقة والتهديد من قبله وهي رافضة لتنفيذ تحريضه على فعل يخالف الاخلاق والشرف؟؟
فلن تسمع منها الشكوى الا ان تزني وتستجيب لتحريض زوجها..؟
فكيف يمكن للقانون ان كان هدفه الاساس واسبابه الموجبة هو الحماية ومنع وقوع الجريمة واذا ماوقعت فانه يعاقب عليها وليس من مهامه التهيئة لوقوع جريمة.
وهنا لو تصورنا ان الزوجة استجابة لتحريض زوجها وارتكبت فعل الزنا ففي هذه الحالة سيلجأ الزوج للشكوى عليها وفقا لاحكام المادة (377) من القانون اعلاه والتي نصت (1- تعاقب بالحبس الزوجة الزانية ومن زنا بها ويفترض علم الجاني بقيام الزوجية مالم يثبت من جانبه انه لم يكن في مقدوره بحال العلم بها...).
وقد تعجز الزوجة عن اثبات التحريض عند اقامتها الشكوى وفقا للمادة (380) المشار اليها اعلاه فكيف يمكن لها احضار بينه تؤيد تحريض زوجها لها على الزنا؟ وهل زوجها يحرضها على ذلك بمرأى الناس او امام الاهل او الاصدقاء او..؟
لذا فانها تنال العقاب وفقا للمادة (377) اعلاه ويفلت الزوج من كل عقاب ولاجناح عليه وحتى لو سلمنا جدلا انه ادين بتهمة وفقا للمادة اعلاه فان عقوبتها بسيطة جدا ولاتتناسب مع جسامتها.
وحتى ان نص احكام المادة اعلاه يعد انتهاكا ومخالفا للعديد من الاتفاقيات والشرعة الدولية ومنها العهدين الدولين واتفاقية السيداو (اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة) وخصوصا ماورد من انتهاك للمادة (6) منها والتي تنص على (تتخذ الدول الاطراف جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها لمكافحة جميع اشكال الاتجار بالمرأة واستغلال بغاء المراة).
وكذلك فرض حماية قانونيه للمراة وعلى قدم المساواة مع الرجل وضمان الحماية الفعالة للمراة عن طريق المحاكم والمؤسسات العامة من اي عمل تمييزي (الفقرة ج من المادة الثانية من الاتفاقية) وخصوصا ان الحكومة العراقية قد صادقت على العهد الدولي اعلاه بالقانون المرقم (193) لسنة 1970) وصادقت ايضا على اتفاقية السيد او بالقانون المرقم (66) لسنة 1986 المنشور في جريدة الوقائع العراقية العدد 3107 في 21 تموز 1986 والتعامل معها اعتبارها قوانين وطنية بعد المصادقة ومخالفة ذلك يعرض الحكومة العراقية للمسؤلية والاحراج الدولي.
والملاحظ ان احكام المادة (380) شرعت لعدم المساواة وفيها اجحاف بحقوق المرأة كما انه لايمكن وباي حال من الاحوال ان نتصور انه بموجبها سيحكم الزوج باي عقوبة وسيفلت من العقاب حسب ماوضحناه اعلاه والمتضرر الوحيد هنا هو الزوجة وكذلك ورد فيها تشجيع على الزنا وتشجيع على الاتجار بالنساء وافلات الزوج من العقاب بجريمة تحريض زوجته على الزنا.
ومن جهة اخرى فان العقوبة المقررة بموجبها بسيطة جدا ولاتتناسب مع جسامة وقبح الجريمة وابعادها الخطيرة على الاسرة والمجتمع لان عقوبة الحبس المطلق تعني انه من الممكن الحكم بمدة بسيطة او الحكم بالحبس مع ايقاف التنفيذ عملا باحكام المادة (144) من القانون اعلاه حتى ان هذه المادة اقتصرت على تحريض الزوج لزوجته على الزنا ولم تتطرق الى بنت او حفيدة الجاني فهما ايضا احق بالحماية لذا فلابد من تعديل احكام المادة اعلاه وفقا لذلك وتشديد عقوبة الحبس بحيث تكون السجن مدة لاتزيد على سبع سنوات وتشديدها ان زنت بناءا على هذا التحريض او اذا كانت المجنى عليها من فروع الجاني وذلك لخطورة هكذا جريمة على الاسرة والمجتمع بناءا على هذا اتقل عن ثلاث سنوات وكذلك الغرامة وتطبيقها على مجرد التحريض دون انتظار وقوع الفعل المحرض عليه وهو الزنا كي يستحق الجاني العقوبة.
لذا فان هذه المادة ترسخ التمييز على اساس الجنس وشكلا من اشكال العنف القانوني الممنوع دستوريا ودوليا وستبقى منظمات المجتمع المدني تبذل جهودا كبيرة وحملات ضغط على الحكومة والسلطة التشريعة لاجراء تعديلات على كافة القوانين التميزية ضد المراة وبضمنها المادة (380) من قانون العقوبات العراقي اعلاه وحثها على الغاء وتعديل كافة النصوص القانونية التميزية وتبني ذلك ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المراة (2013-2017).