يرتبطمفهوم الشرف بمجتمعنا بالمرأة فقط ويباح للرجل قتلها وفقا للقانون او التشريع وهذا يعد من اخطر وافتك الاسلحة عنفا ضد المراة ونلمس هذا النوع من انواع العنف القانوني عند احكام المادة (409) من قانون العقوبات العراقي النافذ والمرقم 111لسنة 1969حيث نصت (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه في حالة تلبسها بالزنى أو وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال أو قتل احدهما أو اعتدى عليهما أو على احدهما اعتداءً أفضى إلى الموت أو إلى عاهة مستديمة.).
فهذه المادة منحت الحق للرجل بتطبيق القانون بنفسه مع منحه عذرا مخففا للعقوبة بل انه في الغالب يعاقب لمدة سنة مع وقف التنفيذ ويفلت الفاعل من العقاب، في حين لم يتطرق القانون الى الحالة المعاكسة، أي فيما لو فاجأت المرأة زوجها في فراش يمارس الزنا مع اخرى او انها وجدته على فراشها يلاط به.
وقامت بقتله أو ايذائه فانها تسأل عن جريمة قتل عمد او جريمة ايذاء وتعاقب عقوبة كاملة، كون المشرع لم يمنحها عذرا مخففا ولم يشملها باحكام المادة اعلاه، والتساؤل هنا هل ان الرجل وحده يستفز ويثور لشرفه ويفقد السيطرة على اعصابه دون المراة؟
ومن اهم المشاهدات والقضايا التي صادفتنا من خلال عملنا في المحاماة او الارشاد الاسري هي:-
(ش م) وجدت زوجها متلبسا بالزنا على فراشها وقامت بضربه بمطفأة السيكاير(نفاضة كرستال) على راسه ونقل على اثرها الى المستشفى وتوفى بعد اسبوع فحكم على الزوجه بالسجن مدة عشرة سنوات. بتهمة ضرب افضى الى الموت.
(ك ع) تعرضت للخطف والاغتصاب من احدى العصابات ابان الانفلات الامني في احدى المحافظات وبعد تسليمها لذويها قاموا بصعقها بتياركهربائي وقتلها حتى تبان انه حادث عرضي من اجل غسل عارهم امام العشيرة كما يعتقدون ؟
ومن المشاهدات الاخرى ان كثيرا من النساء تقتل على سبيل الشك او الوشاية او لانها ضحية اغتصاب او تحرش او لحرمانها من الارث فيبفبرك لها سيناريو الشرف كما ان من الفتيات المتزوجات حديثا يقتلن غسلا للعار او تطلق في احسن الاحتمالات دون ان تكون ارتكبت اي خطأ والسبب ان الضحيات في المواقعة الاولى لم يخرج الدم وبسبب قلة الوعي ربط الناس شرف الفتاة بهذا الامر والحقيقة المغيبة ان هذا الدم ليس بالضرورة علامة لعذرية الفتاة فغشاء البكارة يختلف من فتاة لاخرى وهناك نوعية تسمى الغشاء المطاطي الذي يصعب فضه وبالتالي لايخرج الدم من المواقعة الاولى وكذلك هناك اغشية لا تحوي اوعية دموية كثيرة فيكون الدم قليل جدا.
وغالبا ما تكون هناك مبالغة بقتلها بالتمثيل بالجثث وتقطيعها ورميها بالمزابل والخرائب والمناطق العشوائية فقد تجبر الفتاة على قتل نفسها لبيان ان الامر حادث انتحار او بدس لها السم او تقتل بطريقة تبان انها حادث عرضي كأن تصعق بتيار كهربائي او ترمى من مكان مرتفع او حتى تحرق.
تلجأ الاسر لهذه الطرق عندما تعرف ان القانون لم يقف معها في حالتهم لان اغلب الحالات هنا هو مجرد شك في سلوك الفتاة دون دليل قاطع واحيانا توكل مهمة غسل العار الى الاطفال القصر لان القضاء لايصدر حكم بالاعدام بحقهم فيما لو ثبت عذرية الفتاة بعد ان يدرب من قبل ذويه على القيام بهذه المهمة كما ان اغلب المقتولات يسجلن كمجهولات الهوية حيث ترمى في مناطق عشوائية ولايتعرف عليها احد وتتكفل الدولة بدفنها.
وهذا النص يعد مخالفا لمبادئ العدالة وتمييزا مبني على الجنس وفيها مخالفة صريحة لاحكام الشرع حيث تضع احكاما للزنى تختلف تماما عما يعرف بجرائم الشرف.
فأن فرضنا جدلا إن المعصية حصلت فعلا بالمواقعة غير الشرعية فتكون العقوبة واحدة على الرجل الزاني اوالمراة وكذلك حدد الشارع الاسلامي بضرورة وجوب اربعة شهود، واذا تحقق ذلك، ووفق الدين الإسلامي فتكون عقوبة الزنى على المسلم غير المحصن، الجلد 100 جلدة مع التغريب سنة، وكذلك المسلمة، في القرآن “الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ، والمسلم المحصن اي المتزوج، القتل بالرجم بالحجارة حتى الموت، وكذلك المسلمة المحصنة اي المتزوجة عقوبتها الرجم بالحجارة حتى الموت، فأن ولي الأمر أي السلطة هو المكلف بتوقيع العقوبة بعد التثبت منها وفق الشروط المعقدة التي أشرنا اليها.
فهل يصح ما يدعيه مقترفي جرائم "الشرف" وغسل العار، بأنهم يطبقون التعاليم الدينية؟!
وكذلك مخالفا الدستور العراقي في المادة14و29/رابعا منه ومبادئ حقوق الانسان وكافة المواثيق الدولية كلمادة الثانية /فقرة (و) والمادة 14من اتفاقية السيداو (اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة) والمادة 26من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ختاماً.. فان اجتثاث العصبية المقيتة وتجذير وغرس قيم المحبة والتعامل وفق مبدأ الثقة بدلاً من الاحتكام الى لغة العصبية اصبح ضرورة ملحّة وسط هذا الإهدار المؤسف لضحايا بريئات براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وتغليب لغة الحوار بدلا من السلاح الذي لا ينفع معه ندم، وهذا نداء الى المشرعين في البلاد لتشديد العقوبات بما يتعلق بجرائم الشرف، فالمرأة العراقية تحديداً تستحق كل الثناء والبذل، وفاءً منا لصبرها ومقاومتها النوائب والأزمات وهي الرفيقة والام والزوجة، انها وديعة مقدسة، دعونا نصون هذه الوديعة فهي من تعطي لحياتنا المعنى وترسم بأناملها الرقيقة أجمل دقائق الجمال..