لا اخفي اني مثل الكثير من شبان خمسينات القرن الماضي كنت معجبا بجمال الراقصة المصرية سامية جمال وطريقة رقصها في عدد من الافلام ومنها مع فريد الاطرش.
وعندما زارت سامية جمال بغداد عام 1959 لترقص في احد ملاهيها التقيت بها لاكتب عنها موضوعا في صفحة فنون في جريدة البلاد التي كنت اعمل فيها.
تحدثت معها عن حياتها واسلوبها في الرقص وزميلاتها من راقصات ذلك الزمن الجميل. لكنها غضبت مني بعد ان ذكرت في اللقاء الصحفي "انها تتقاضى عن كل دقيقة رقص في بغداد ما يعادل راتب موظف عراقي لعدة سنوات".
كنت في مكتبي في الصحيفة يوم نشر الموضوع حين قيل لي ان امرأة تريد ان تكلمك بالتلفون.
كانت سامية جمال التي بدت غاضبة مع انها شكرتني على الموضوع والصور لكنها قالت بحدة:
- ايه ده يا استاذ انت تحسب كل شي بالفلوس ما يرقصوا الموظفين زيي.
لكن زعلها لم يدم وتصالحنا وحدثتني هي عن حياتها واسلوبها في الرقص الذي تميز بالمزج بين الرقص الشرقي والرقصات الغربية حتى كوّنت اتجاهاً فنياً مضاداً لاتجاه الراقصة "تحية كاريوكا" التي اعتمدت على الحركات الراقصة القديمة (حسب قولها).
كما ركزت على تقديم حالة من الانبهار للمتفرج من خلال الملابس والموسيقى والإضاءة.
حياة سامية لم تكن سهلة قضت طفولتها وصباها فى شارع الأزهر وحى الحسين، في كنف أب تزوج بامرأة أخرى بعد وفاة والدتها، امرأة قاسية عاملتها بكل أشكال العنف وبالطبع الضرب، حيث كانت دائماً تتلقى منها (علقة ساخنة) بسبب أو بدون.
لكن سامية لم تشأ ان تذكر تلك الايام وكأن حياتها لم تبدأ الا عندما عملت مع“ فرقة بديعة مصابني“ التي تخرج منها معظم الفانين في ذلك الوقت. وبديعة مصابني راقصة وممثلة لبنانية عاشت فترة من حياتها في مصر وأسست فرقة خاصة بها للرقص والتمثيل المسرحي.
بديعة مصابني هي التي اختارت لها اسمها الفني قالت لها في اول لقاء:
- · اسمك إيه يا حلوة؟
- · زينب خليل إبراهيم محفوظ.
- · زينب ده اسم واحدة بتبيع ذرة مشوى، من هنا ورايح اسمك سامية، وهكذا اصبح اسمها سامية جمال.
وفي عام 1943 بدأت بالعمل في مجال السينما حيث شكّلت ثنائياً ناجحاً مع الفنّان فريد الأطرش وقدّمت على أغنياته أحلى رقصاتها وأشهرها من خلال سته أفلام شهيرة.
بلغ عدد الافلام التي مثلت ورقصت فيها نحو 50 فلما مصريا وشاركت برقصة لمدة ثلاث دقائق في الفيلم الأمريكي
(وادي الملوك VALLEY OF THE KINGS )
ومثلث دور البطولة في الفيلم الفرنسي (علي بابا والأربعين حرامي) حيث ادت دور "مرجانة". تزوجت سامية جمال في بداية حياتها من شاب امريكي يُدعى شيبرد كينج سمى نفسه عند الزواج"عبد الله كينج". ثم زواجها من الفنان رشدي اباظة في اواخر الخمسينات (استمر 17 عاما) ونفت بشدة اي علاقة خاصة لها بفريد الأطرش كما كان يشاع سوى العمل الفني الناجح في افلام فريد.
سامية جمال التي ولدت في 5 اذار عام 1924 اعتزلت الرقص اوائل السبعينات لكنها عادت الى الرقص لفترة قصيرة في الثمانينات لتعتزل حتى وفاتها في الاول من كانون الاول عام 1994.