** حين التقيت لاول مرة بالزعيم الركن ناجي طالب
** رفض من منصب رئيس الجمهورية بعد الاحتلال الامريكي
في مثل هذه الايام من شهر اب 1958 تعرفت لاول مرة على احد ابرز الضباط الاحرار الذين خططوا للثورة على النظام الملكي وتاسيس النظام الجمهوري.
الزعيم الركن ناجي طالب الذي تولى منصبا وزاريا في اول حكومة في النظام الجديد كما تولى في عهود تالية وزارة الخارجية ثم رئاسة الحكومة.
التقطت هذه الصورة في وزارة الدفاع في القاعة المتواضعة التي كان مجلس الوزراء يجتمع فيها.
كنت اعمل في جريدة الجمهورية التي صدرت بعد الثورة تحمل اسم صاحبها العقيد الركن عبد السلام محمد عارف نائب رئيس الوزراء في الحكومة التي شكلت برئاسة الزعيم الركن عبد الكريم قاسم.
استدعاني عبد السلام عارف الى وزارة الدفاع حيث يعقد مجلس الوزراء جلساته في هذه القاعة الصغيرة التي اقف فيها معه ومع الزعيم الركن ناجي طالب وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة الثورة لاجري لقاءات صحفية مع اركان الحكومة للنشر في الجريدة بمناسبة مرور شهر على نجاح الثورة.
وقدمني الى ناجي طالب الذي بدا لي في اول لقاء انه شخصية متزنة محترمة وان لديه افكارا وخططا ليس فقط لوزارته ولكن للوضع العام في الدولة.
- ·كان مر شحا لقيادة الثورة
ناجي طالب كان احد ابرز اعضاء (الهيئة العليا للضباط الاحرار) التي خططت واعدت للثورة بل وحددت ساعة الصفر .
وكما علمت في حينه فان الزعيم الركن ناجي طالب كان مرشحا ليكون رئيس الهيئة العليا للضباط الاحرار اي قيسادة الثورة لكن التزامه العسكري واحتراما لتقاليد الجيش العراقي جعله يتنازل عن رئاسة الهيئة العليا للضباط الاحرار عام 1956 لصالح الزعيم الركن عبد الكريم قاسم لأنن الأخير اقدم منه في الحصول على آخر رتبة عسكرية.
وقد قبل بمنصب وزير في حكومة الثورة وكان الضابط الوحيد بين أعضاء اللجنة العليا الذي جرى تعيينيه وزيرا في تلك الحكومة، ولم يطالب بما كان الاخرون يعتقدون انه يستحق منصبا اعلى.
وقد لاحظت ان العقيد الركن عبد السلام عارف يحترمه كثيرا وكذلك الزعيم الركن عبد الكريم قاسم عندما دخل الى قاعة الاجتماعات في ذلك اليوم.
- ·رغم استقالته كان يحترم الزعيم قاسم
ومع ذلك فان ناجي طالب بعد سبعة اشهر من انطلاق الثورة استقال مع مجموعة الوزراء القوميين وذلك في شباط عام 1959 كتعبير عن (رفضهم لانحراف الثورة عن الاهداف الوطنية والقومية التي قامت في سبيلها).
ورغم ذلك فان ناجي طالب في احاديث صحفية اشاد بشخصية الزعيم عبد الكريم قاسم وقال: هو رجل طيب وكان يحترمني ويقدرني وأنا أيضا أبادله الاحترام نفسه.
- ·رفض منصب رئيس الجمهورية بعد الاحتلال
ومما يسجل له انه رفض عرض الامم المتحدة تولي رئاسة الجمهورية بعد تغيير النظام واحتلال العراق عام 2003.
واذكر ان مبعوث الامم المتحدة الاخضر الابراهيمي قال في لقاء مع صحيفة (الشرق الاوسط) اللندنية انه من خلال اتصالاته على مدى اشهر في العراق توصل الى قناعة بان السيد ناجي طالب هو الشخصية المؤهلة والمرموقة لتولي منصب رئيس الجمهورية بالنظر لتاريخه السياسي المجيد ولما يحظى به من احترام من جانب القوى السياسية الفاعلة على الساحة السياسية في العراق. وذكر الابراهيمي أنه ألح على ناجي طالب لقبول المنصب ووعده بأنه سيتولى شخصيا ترتيب بقية التفاصيل، الا ان ناجي طالب اعتذر عن قبول اي منصب او دور سياسي معللاً ذلك بأوضاعه الصحية وتقدمه في السن ولم يكن ذلك صحيحاً، اذ ان رفضه للمنصب كان ينطلق من رفضه للاحتلال الامريكي ولم يكن مستعدا للتعاون مع الامريكيين مطلقا.
لكنه عند اندلاع معارك الفلوجة عام 2004 ارسل في 7 تشرين الثاني من ذلك العام اقتراحا إلى الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي عنان يتضمن مبادرة لتشكيل لجنة عراقية وانه على استعداد ليصبح عضوا في هذه المبادرة التي خططت لبدء سلسلة من الزيارات إلى مدينة الفلوجة، لإجراء لقاءات مع سكانها ومقاتليها، والشرطة الرسمية هناك لإيجاد حل عادل للحفاظ على المدينة وشعبها من الأذى.
- ·ناجي طالب في الجيش
ناجي طالب تخرج في الكلية العسكرية سنة 1937 . وبعد تخرجه وتدرجه في الرتب دخل في سنة 1944 كلية الاركان في بغداد ليتخرج فيها سنة 1946 برتبة (رائد ركن) او كما يقال له في ذلك الزمان (رئيس ركن).
شغل مناصب عديدة في الجيش منها مرافقته للملك فيصل الثاني ثم درس الاركان في بريطانيا سنة 1950 اضافة الى ما يحمله من علوم من كلية اركان العراق.
ثم عين ملحقا عسكريا في بريطانيا سنة 1954 لمدة سنتين. حيث اصبح برتبة عقيد ركن.
وفي بداية عام 1958 عين بمنصب مدير التدريب العسكري في وزارة الدفاع برتبة زعيم ركن بعد ان رقي الى هذه الرتبة في 6 كانون الثاني من العام نفسه. بعد ذلك شغل منصب امر اللواء 15 في البصرة قبيل قيام ثورة 14 تموز 1958 .
- ·مناصب في حكومات الرئيسين عارف
شغل منصب وزير الصناعة بعد سيطرة حزب البعث على الحكم في 8 شباط 1963 ، واستقال قبل حركة 18 تشرين الثاني من العام نفسه.
وفي عهد الرئيس عبد السلام محمد عارف عين في سنة 1964 وزيرا متفرغا للوحدة ثم وزيرا للخارجية عام 1965.
وفي عهد الرئيس عبد الرحمن محمد عارف شكل في 13-8 -1966 الحكومة وتولى منصب رئيس الوزراء ووزير النفط بالوكالة حتى 2 / 5/ 1967.
ولد عام 1917 في الناصرية وتوفي في بغداد يوم 23 / 3/ 2012 عن عمر بلغ 95 عاما رحمه الله كان شخصية موضع احترام من جميع الجهات السياسية والمجتمع الدولي.