وأكده ثانية قبل أيام بترحبيه بقيام دولة كردستان التي وصفها بأنها ستكون عامل إستقرار في المنطقة بإنضمامها إلى محور الدول المعتدلة التي تضم أيضا بعض الدول العربية للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة ومحاربة الإرهاب على حد وصفه. كما تشير الأنباء إلى أن الرئيس الإسرائيلي السابق شيمعون بيريس، أخبر الرئيس الأمريكي السابق أوباما بأنه يعتقد أن العراق لن يستمر كدولة موحدة من دون تدخل عسكري ضخم، وهو مسار لا ينصح بانتهاجه، مضيفا أن الأكراد قد أنشأوا حكومة أمر واقع مستقلة خاصة بهم، بمساندة تركية. وخلال حديثه مع كيري وزير الخارجية الأمريكي السابق، قال ليبرمان وزير خارجية إسرائيل إن "العراق ينهار أمام أعيننا، وإقامة الدولة الكردية هي صفقة منتهية". يأتي هذا التأييد الإسرائيلي في إطار سياسة إسرائلية ثابتة منذ عقود، تهدف إلى تفتيت الدول العربية وتقسيمها كلما أمكنها ذلك، فقد نشرت مجلة ”كيفونيم “(اتجاهات)، وهي مجلة لليهودية والصهيونية، في العدد رقم14/ شهر فبراير (شباط) 1982، بخصوص العراق، حيث جاء فيها أن "العراق، دولة غنية بالنفط من جهة، وممزقة داخليا من جهة أخرى، وهي مرشح مضمون للأهداف الإسرائيلية.
إن انحلال العراق هو أكثر أهمية بالنسبة لنا من انهيار سوريا. فالعراق أقوى كثيرا من سوريا. وتشكل القوة العراقية أكبر تهديد بالنسبة لإسرائيل على المدى القصير. الحرب العراقية - الإيرانية سوف تمزق العراق تمزيقا وتتسبب في السقوط الداخلي، حتى قبل أن يستطيع العراق تنظيم صراع جبهوي على نطاق واسع ضدنا. كل نوع من المواجهة بين الدول العربية يصب في مصلحتنا، وسوف يختصر الطريق إلى الهدف الأكثر أهمية وهو تفتيت العراق إلى طوائف كما هو الحال في سوريا ولبنان. في العراق، يمكن إحلال التقسيم إلى محافظات على أساس عرقي - ديني على غرار سوريا خلال العهد العثماني. لذا، سوف توجد ثلاث دول أو أكثر حول ثلاث مدن رئيسة: البصرة، وبغداد، والموصل. وسوف تنفصل المناطق الشيعية في الجنوب عن المناطق السنية والكردية في الشمال". فهل يا ترى بات تنفيذ المشروع الإسرائيلي بتفتيت العراق قاب قوسين او ادنى؟.
وخلاصة القول أن إعلان قادة إقليم كردستان عن نيتهم إجراء إستفتاء لتقرير مصير أكراد العراق في الوقت الحاضر لا يصب في مصلحة العراق ولا في مصلحة الإقليم على الحد السواء، نظرا لما يشهده العراق والإقليم من مشاكل جمة، ليس على صعيد الأمن وحسب، بل إفتقار العراق القيادة السياسية القادرة على البت في هكذا قرار يحدد مصير شعب العراق بعربه وأكراده وسائر قومياته لأجيال قادمة، فضلا عن إنعدام التوافق بين جميع الكتل السياسية وصراعاتها في الإقليم وفي بقية أنحاء العراق في معظم القضايا السياسية، أبسطها عدم توافق الكتل السياسية الكردية على موضوع رئاسة الإقليم التي إنتهت مدة إشغالها وعدم رغبة رئيس الإقليم الحالي التخلي عن موقعه خلافا لدستور الإقليم، وتعطيل أعمال الحكومة والبرلمان في الإقليم، كما أن قوات البيشمركة ما زالت مليشيات تابعة للحزبين الرئيسين الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني، ولا زال هناك الكثير من الخلافات بين السليمانية وأربيل حول معظم القضايا، وهناك خلافات حادة في صفوف قادة الأتحاد الوطني في غياب مؤسسه جلال الطالبي بسبب مرضه كما تتناقل ذلك وسائل الإعلام. ولا شك أن الحال أسوأ بكثير في بغداد حيث الريبة والشك وكل أنواع الفساد تسود أوساط النخب السياسية. فإجراء الإستفتاء وحق تقرير المصير يجب أن يتم في ظروف عراق آمن ومستقر وقادر على حماية نفسه، وليس في عراق تعصف به رياح عاتية، وبخلافه سينتقل العراق بجميع قومياته من سيئ إلى أسوء. ويتوهم كثيرا أن من يعتقد أن قيام الدولة الكردية المنشودة دون توافق جميع العراقيين بعربهم وكردهم وتركمانييهم وقومياتهم المختلفة، سيكون أفضل حظا من جمهورية مها آباد الكردية التي أقاموها في إيران عام 1946بمساندة القوات السوفيتية الغازية ولم تستمر أكثر من (11) شهرا.
ويحدونا الأمل أن يتدارك حكماء الكرد مخاطر ما سيترتب على الإستفتاء من مشاكل وصراعات سيكون لها أول ولن يكون لها آخر.