أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في تموز عام 2011 قراراً يدعو الدول الأعضاء إلى قياس مقدار سعادة شعوبها للمساعدة في توجيه سياساتها العامة.
وفي الأول من نيسان عام 2012 أصدرت شبكة " حلول التنمية المستدامة " التابعة لمنظمة الأمم المتحدة تقرير السعادة العالمي الأول، باعتباره أول مسح عالمي للسعادة في العالم. حدد التقرير حالة السعادة العالمية وأسباب السعادة والبؤس والآثار المترتبة عليهما.
وفي أيلول 2013 صدر تقرير السعادة العالمي الثاني، وبعدها باتت التقارير تصدر في العشرين من شهر آذار من كل عام، بمناسبة يوم السعادة العالمي الذي إعتمدته منظمة الأمم المتحدة في دورتها السادسة والستين المنعقدة في الثامن والعشرين من شهر حزيران عام 2012، اعترافا بأهمية السعي للسعادة أثناء تحديد أطر السياسة العامة لتحقق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتوفير الرفاهية لجميع الشعوب، حيث أكد الأمين العام للأمم المتحدة يومذاك "بان كي مون" إن العالم بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد يحقق التكافؤ بين دعائم الاقتصاد الثلاث: التنمية المستدامة، والرفاهية المادية والاجتماعية، وسلامة الفرد والبيئة، ويصب في تعريف ماهية السعادة العالمية.
دعت الأمم المتحدة الجميع من كل الأعمار وفي كل القطاعات إلى المشاركة في الاحتفال باليوم الدولي للسعادة.
تستخدم تقارير السعادة بيانات من استطلاع غالوب العالمي، وينظم كل تقرير المسائل المتعلقة بالسعادة، بما في ذلك الأمراض العقلية، والفوائد الموضوعية للسعادة وأهمية الأخلاق، والآثار المترتبة على السياسات، والروابط مع نهج منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي لقياس الرفاه الشخصي وتقرير التنمية البشرية.
يضم كل تقرير أكثر من ( 150 ) دولة، ويتم وفقاً لعدد من المعايير، منها نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط العمر، والحرية وسخاء الدولة على مواطنيها، كما يتضمن الدعم الاجتماعي وغياب الفساد في الحكومات ومؤسسات الأعمال.
نتناول بهذه الدراسة المقتضبة تقرير السعادة العالمي لعام 2018 الذي يصنف ( 156 ) دولة حسب مستويات السعادة، و(117) دولة حسب مستوى سعادة المهاجرين، ويحدد التقرير للمرة الأولى مستويات السعادة للمهاجرين في كل دولة، وتصدرت فنلندا كلا التصنيفين.إن التقارب بين هذين التقريرين يشير إلى أن سعادة المهاجرين تعتمد بشكل رئيسي على نوعية الحياة التي توفرها الدول المضيفة، كما لفت التقرير إلى أن الدول التي يوجد بها أكثر المهاجرين سعادة ليست الدول الأغنى في العالم، بل الدول التي تتمتع بتوازن وتجمع بين الدعم الاجتماعي والمؤسسي الذي يضمن حياة أفضل.
وطبقا لمؤشر سعادة المهاجرين ، إحتلت دولة الإمارات العربية المرتبة الأولى عربيا والمرتبة ( 19 ) دوليا ، تلتها قطر والبحرين والكويت والمملكة العربية السعودية. وجاءت سورية في المرتبة الأخيرة عالميا.
وبحسب التقرير كانت فنلندا أكثر دول العالم سعادة، متقدمة بذلك من المرتبة الخامسة في العام المنصرم لتحل محل النرويج في المرتبة الأولى التي إحتلتها في العام الماضي. وكانت الدول العشرة ألأكثر سعادة في العالم هي:
- 1.فنلندا، بحصولها على درجة( 7.632)
- 2.النرويج، بحصولها على درجة( 7.594) ،
- 3.الدنمارك، بحصولها على درجة( 7.555)
- 4.أيسلندا، بحصولها على (7.495) ،
- 5.سويسرا، بحصولها على (7.487 )،
- 6.هولندا، بحصولها على (7.441) ،
- 7.كندا، بحصولها على ( 7.328 )
- 8.نيوزيلاندا، بحصولها ( 7.324)
- 9.السويد، بحصولها على ( 7.314)،
- 10.أُستراليا، بحصولها على (7.272).
يلاحظ أن الاختلافات في الدرجات طفيفة بين هذه الدول، الأمر الذي يفسر حدوث تغييرات في التصنيف العالمي من عام لآخر.
جاءت الدول الكبرى في مراتب أقل، حيث احتلت ألمانيا المرتبة (15)، وجاءت الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعد أكبر اقتصاد في العالم في المرتبة (18)، تلتها المملكة المتحدة في المرتبة (19)، ثم جاءت فرنسا في المرتبة (23)، بينما احتلت الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، المرتبة (86). يلاحظ أن مقياس السعادة العالمي لا يعتمد بشكل أساسي على نسبة ثراء الدول والأفراد فيها.
وعلى صعيد الدول العربية، إحتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى عربيا والمرتبة (20) دوليا بحصولها على درجة ( 6.774)، وجاءت قطر في المرتبة الثانية عربيا والمرتبة (32) دوليا بحصولها على درجة (6.374)، والمملكة العربية السعودية في المرتبة الثالثة عربيا والمرتبة (33 ) دوليا بحصولها على درجة (6.371)، والبحرين في المرتبة الرابعة عربيا والمرتبة (43 ) دوليا، والكويت في المرتبة الخامسة عربيا والمرتبة (45) دوليا، وليبيا (70)، والجزائر ( 84)، والمغرب ( 85)، ولبنان (88)، والأردن (90 )، والصومال (98)، وفلسطين (104) وتونس( 111) والعراق (117)، ومصر ( 122)، والسودان ( 137) بحصولها على درجة( 4.139)، وسورية (150) بحصولها على درجة بلغت( 3.462)، واليمن (152) بحصولها على درجة( 3.355)، وجاءت دولة جنوب السودان في المرتبة (154). بينما غابت سلطنة عمان وجيبوتي وجزر القمر من التقرير.
يلاحظ أن دول مجلس التعاون الخليجي قد تصدرت مجموعة الدول العربية بفضل إستقرارها وتعاظم مواردها المالية، بينما جاءت الدول العربية التي تعاني من الفوضى والفساد وعدم الإستقرار في أسفل القائمة.
تولي دولة الإمارات أهمية كبيرة لسعادة مواطنيها، وقد أعلنت في العام 2016 عن إنشاء وزارة السعادة دعما لطوحها في أن تصبح أكثر دول العالم سعادة، والعمل على توفير كل أسباب السعادة لمواطنيها والمقيمين فيها.
ويخشى أن تورط دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية في دعم بعض الجماعات المسلحة ومنها جماعات إرهابية بالمال والسلاح وتدخلها السافر في الشؤون الداخلية لبعض البلدان العربية كما هو حاصل الآن في العراق وسورية ولبنان واليمن وليبيا قد ينعكس سلبا على سعادة شعوبها، بصرفها عن مشاريع التنمية التي حققت لشعوبها إزدهارا إقتصاديا باهرا ورعاية صحية وإجتماعية وثقافية ممتازة، وبخاصة أن مواردها المالية المتأتية من مبيعات النفط في تناقص مستمر في ضوء تدني أسعار النفط في الأسواق العالمية، فضلا عن تصاعد مشترياتها من الأسلحة بصورة غير معقولة تفوق حاجتها الأمنية وربما تفتح شهيتها إلى المزيد من المغامرات العسكرية التي لا تعود على أية دولة بأية منفعة، ذلك أن هذه المغامرات ما هي إلاّ حروبا عبثية.
وعلى صعيد دول الشرق الأوسط فقد إحتلت إسرائيل المرتبة ( 11) دوليا، وتركيا المرتبة (74)، وإيران (115)، وأفغانستان ( 143)، وكانت بوروندي أقل دول العالم سعادة.
وكلنا أمل أن تنعم بلداننا العربية بالأمن والسلام وتسود حكوماتها الحكمة وتنصرف جهودها لمشاريع التنمية ورفاهية وسعادة شعوبها إن شاء الله.