تسعى الادارة الجامعية عادة الى تحقيق وظيفة الجامعة المتمثلة بإعداد الملاكات العلمية التي يحتاجها المجتمع وخلق البيئة العلمية لاجراء البحوث والدراسات وتقديم الاستشارات وخدمة المجتمع. ولكي تحقق الجامعة وظيفتها العلمية والتربوية على افضل وجه لابد من اختيار اكفأ العناصر العلمية المشهود لها بالتفوق العلمي وحسن الاداء والسمعة التربوية الممتازة لتبؤ المواقع الادارية الجامعية، وبذلك نؤمن ازدهار التعليم العالي ازدهارا حقيقياً والذي هو ركن اساسي من اركان نهضة العراق.
يتم إختيار القادة الجامعيين في جامعات العالم الرصينة وفق شروط معينة معدة سلفا ومتعارف عليها في الوسط الجامعي، اهمها الكفاية والتمييز العلمي والمقدرة الإدارية بعضهم يتم تعيينهم على وفق شروط ومواصفات محددة لمدد معينة، كأن تكون مدة اربع سنوات قابلة للتمديد مرة واحدة، او ربما غير قابلة للتمديد، او ان يكون تعيينهم مددا غير محددة، وبعضهم يتم انتخابهم بطريقة او باخرى على وفق شروط ومواصفات معينة بالنسبة للشخص المنتخب، وكذلك للاشخاص الذين يحق لهم الانتخاب، كأن تحدد مدة خدمتهم ومراتبهم العلمية ومواقعهم الادارية السابقة. على سبيل المثال قد ينتخب مجلس الجامعة احد اعضائه رئيسا للجامعة، وقد ينتخب مجلس الكلية احد اعضائه عميدا للكلية، وينتخب مجلس القسم احد اعضائه رئيسا للقسم وهكذا، وبذلك يتحقق مبدأ القدم العلمي والوظيفي في تسلم المواقع القيادية في الادارة الجامعية. وقد تتخذ الانتخابات صيغا وشروطا اخرى كأن ينتخب اعضاء مجلس الجامعة ومن هم بدرجة استاذ في الجامعة رئيس الجامعة، وينتخب مجلس الكلية ومن هم بدرجة استاذ او استاذ مساعد في الكلية عميد الكلية وهكذا.
ولابد من القول ان هناك مؤيدين ومعارضين لكل من طريقتي الاختيار بالتعيين او بالانتخاب ولكل منهم اسبابه ودوافعه. وأياً كان اسلوب اختيار القادة الجامعيين لابد ان تتسم الادارة الجامعية بسمات معينة نذكر هنا بعض هذه السمات:
. 1. الايمان المطلق بحق كل افراد الشعب بالتعليم على وفق فرص متكافئة ومتاحة للجميع على اساس التنافس العلمي والموضوعي.
- 2. امتلاك رؤية علمية وتربوية واهداف واضحة ومحددة للجامعة وتقدير اهمية العلم حق قدره في بناء الامة ونهضتها.
- 3. الاعتماد على التخطيط العلمي وتحديد اولويات العمل وتنشيط دور مجالس الجامعات ومجالس الكليات ومجالس الاقسام في الجوانب التخطيطية ورسم السياسة العامة في اطار السياسة التعليمية والتربوية ، وعلى ان يتولى القادة الجامعيون كل من موقعه تنفيذ خطط وبرامج الجامعة بالاستفادة القصوى من قدرات جميع المنتسبين اليها
- 4. الاعتمادعلى مبدأ الحوار الديمقراطي وتعرف وجهات نظر المنتسبين الى الجامعة في مختلف شؤون العمل وتقبل النقد البناء الهادف لتطوير الجامعة.
- 5. بناء منظومة عمل متكاملة بدءا من القسم العلمي مرورا بالكلية وانتهاء بالجامعة لتأمين انسيابية عمل جيدة وخلق نظام مؤسسي تسوده القيم والمباديء الجامعية السليمة التي تحدد سير العمل واتجاهاته وارتباط الافراد والجماعات وتحديد مسؤولياتهم بعيداً عن الاهواء والامزجة الشخصية، وان يكون الولاء المطلق للجامعة كمؤسسة وليس لشخوص معينة او كافراد بصرف النظر عن اهمية اي منهم، ولابد ان تسعى الادارة الجامعية الى توسيع قاعدة المسؤولية كلما امكن ذلك وعدم حصرها في عدد محدود من الاشخاص، مما يتطلب البحث المستمر عن الكفايات العلمية وتطويرها لتكون قيادات بديلة عند الحاجة ودون عناء يذكر.
- 6. لابد ان تسعى الادارة الجامعية الى تبسيط الاجراءات واتباع الاسلوب الديمقراطي باتخاذ القرارات وفسح المجال امام جميع العاملين لاظهار قدراتهم ومواهبهم وابداعاتهم في العمل والاعتماد على مبدأ الثواب والعقاب بصورة عادلة بهدف الارتقاء بكفاية الاداء لمصلحة تقدم الجامعة ورقيها.
- 7. تستمد الادارة الجامعية الناجحة قوتها من قوة المنتسبين اليها وتماسكها وانسجامها نتيجة حيويتها وتفاعلها وتالفها معهم خدمة للمصلحة العامة. لذا يجب ان تسعى الادارة الى توطيد العلاقات الانسانية فيما بينهم والعمل بروح الفريق الواحد.
- 8. استخدام الزمن استخداما حضاريا لمصلحة تقدم الجامعة ذلك ان اضاعة دقيقة من العمل اضاعة لفرصة من التقدم.
- 9. الاستخدام المنظم والمبرمج لإمكانات الجامعة على افضل وجه والعمل بكل الوسائل على تدبير موارد اضافية تعين الجامعة في اداء مهماتها وذلك من خلال الانشطة والفعاليات الاستشارية لحساب الغير او عمليات انتاجية بأستغلال حقول ومعامل الجامعة او توظيف نتائج بحوث اودراسات تطبيقة بالتعاقد مع دوائر ومؤسسات اخرى او ماشابهه ذلك.
- 10. مواكبة التطور العلمي في مجال التخصص العام والتخصص الدقيق ورصد حركة تطور الجامعات في البلدان المتقدمة بهدف الاستفادة من تجاربها لمصلحة تقدم الجامعة ورقيها واداء مهماتها العلمية والتربوية.
- 11. لابد ان تتسم الادراة الجامعية بالجرأة والشجاعة والصراحة والوضوح والاقدام وعدم التردد بأتخاذ القرارات والقدرة على اختيار البدائل المناسبة ومعالجة الانحرافات في سير العمل بموضوعية لتحقيق اهداف الجامعة وكذلك القدرة على اختيار البدائل المناسبة ومعالجة الانحرافات في سير العمل بموضوعية لتحقيق اهداف الجامعة وكذلك القدرة على استثمار جميع الامكانات المتاحة وخلق الفرص المناسبة لتنفيذ سياسة الجامعة.
- 12. ولأجل ان تتخذ الادراة الجامعية قراراتها بصورة ادق لابد ان تكون ملمة بشوؤن الجامعة تفصيلا. ولهذا الغرض لابد ان تتوافر لها قاعدة معلومات رصينة وشبكة اتصالات متطورة وان تعتمد على اخر مبتكرات الادارة الحديثة ووسائلها.
- 13. وفوق هذا وذاك لابد ان تسود الجامعة قيم وتقاليد واعراف جامعية سليمة تستمد جذورها من قيم السماء وفي مقدمتها مبادئ الدين الاسلامي الحنيف وارث العراق الحضاري ، وان تؤمن قيادتها ايمانا مطلقا بحق العراق بأختياراته الحرة في العيش الكريم لشعبه وفي وطنه امنا مطمئنا على مستقبله ومسيادته المطلقة في وطنه الواحد الموحد.
وفي ضوء ما تقدم نرى أن إصلاح منظومة التعليم العالي في العراق وإنقاذها من حالة الترهل والتدهور الذي آلت إليه بسبب ضعف قدرات من تولى شؤون التربية والتعليم في العراق منذ غزوه وسقوط دولته عام 2003 وحتى يومنا هذا وتدمير مؤسساته التعليمية عن قصد وسبق إصرار بهدف العودة به إلى عصور ما قبل التاريخ كما وعد بذلك الغزاة والمحتلون إنما يكمن في المقام الأول بإختيار قادة المؤسسات التعليمية كافة بدءا برؤساء الأقسام العلمية ومدراء المراكز البحثية وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات والمدراء العاميين
والمستشارين ووكلاء الوزارة، من ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة والتمييز العلمي. ولهذا الغرض نقترح الآتي:
- 1. يختار أعضاء الهيئة التدريسية في كل قسم علمي ممن هم بدرجة مدرس فما فوق، رئيس القسم بطريقة الإقتراع السري أحد المرشحين الراغبين بتولي مهام رئيس القسم، ممن تنطبق عليه شروط ومواصفات رؤساء الأقسام العلمية المحددة قانونا ،من بين صفوفهم لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط.
- 2. يختار رؤساء الأقسام العلمية/ رؤساء الفروع في الكليات التي لا توجد فيها أقسام واعضاء الهيئة التدريسية في كل كلية ، ممن هم بدرجة أستاذ/ أستاذ مساعد بطريقة الإقتراع السري، أحد المرشحين الراغبين بتولي مهام عميد الكلية ممن تنطبق عليه شروط ومواصفات العمداء المحددة قانونا، من بين صفوفهم لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط.
- 3. يختار عمداء الكليات واعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة ممن هم بدرجة أستاذ بطريقة الإقتراع السري ،أحد المرشحين الراغبين بتولي مهام رئيس الجامعة، ممن تنطبق عليهم شروط ومواصفات رؤساء الجامعات المحددة قانونا، من بين صفوفهم لمدة خمس سنوات غير قابلة للتجديد.
- 4. يترك لرئيس الجامعة حرية إختيار مساعديه من أعضاء الهيئة التدريسية ممن لا تقل مرتبتهم عن أستاذ مساعد، ولعميد الكلية حرية إختيار معاونيه من أعضاء الهيئة التدريسية في الكلية ممن لا تقل مرتبتهم العلمية عن مدرس.
- 5. يختار الوزير ورؤساء الجامعات في جلسة سرية مشتركة المرشحين من عمداء الكليات في الجامعات العراقية كافة الراغبين بتولي منصب مدير عام في الوزارة لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة.
- 6. يختار الوزير وكيل الوزارة من الأساتذة الجامعيين من ذوي الخبرة والكفاءة والمشهود لهم بالنزاهة.
- 7. تصدر أوامر التعيينات والمراسم الجمهورية بتولي هذه المناصب حسب الأصول والقوانين المرعية.
- 8. يشكل مجلس تعليم عالي بدلا من هيئة الرأي وتحدد صلاحياته بقانون.
- 9. تحصر صلاحية إستحداث الجامعات الرسمية والأهلية والخاصة بمجلس الوزراء بناء على توصية مجلس التعليم العالي المقترنة بدراسات جدوى مستفيضة.
- 10. تحصر صلاحية إستحداث الكليات في الجامعات بمجلس وزارة التعليم العالي بناء على توصية مجلس الجامعة الراغبة بإستحداثها، مشفوعة بدراسات جدوى مستفيضة.
- 11. تحصر صلاحية إستحداث الأقسام العلمية في الكليات بمجلس الجامعة بناء على توصية مجلس الكلية المعنية بذلك، مشفوعة بدراسات الجدوى المستفيضة.
- 12. تحصر صلاحية إستحداث المراكز البحثية والمكاتب الإستشارية في الجامعات بمجالس الجامعات، على أن تكون مشفوعة بدراسات جدوى مستفيضة.
- 13. إعادة نظر جادة وشاملة بواقع حال جميع الأقسام العلمية والمراكز البحثية والكليات والجامعات الرسمية والأهلية والخاصة للتأكد من مدى إستيفائها لمعايير الجودة بحدها الأدنى في الأقل.
- 14. إجتثاث الفساد والمفسدين من جميع مفاصل التعليم العالي وإحالة من تحوم حولهم الشبهات إلى القضاء العادل ليقول كلمة الفصل فيهم.
- 15. أن تكون الجامعة حرما آمنا بعيدا عن المنازعات الحزبية والمناكفات السياسية والتخندق الطائفي والأثني.
وبذلك نضمن إنقاذ قطاع التعليم العالي والبحث العلمي من تجاذبات الأحزاب السياسية والمناكفات الطائفية وشرورها البغيضة وآثارها المدمرة، ونضمن بناء منظومة تعليم عالي راقية ومواكبة لحركة تطور العلوم والمعرفة ومستجدات العلوم والتقانة الحديثة وقادرة على تخريج أجيال مفعمة بحب الوطن وساعية لتحقيق رقيه وتقدمه، ذلك أن التعليم ولا شيئ سواه يمكن أن يسهم برقي أية أمة وإزدهارها.