ثمّةَ إمرأةٌ... وأعني: روحَ العالمَ
وأنثاهُ الكونية
التي تتجلى وتزهرُ وتتكوكبُ
كي تجعلُكَ تحلمُ
وتفكّرُ بالطيران
حتى اقاصي المطلقِ الكونيِّ
والرؤيةِ بعيونٍ وحواسٍ
مفتوحةٍ على فضاءِ الغيبِ
والغامضِ والمجهولِ
والرؤى القزحية الباذخة.
وثمّةَ إمرأةٌ... وأَعني خنثى
تتشيطنُ وتتمردُ وتتكورثُ
كي تجعلُكَ تكرهُ كلَّ شئ
وتفكّرُ بالهروبِ
الى حيثُ مدائنِ اللاأين
أو تحاول الانتحار بلا أسفٍ
وبلا أيِّ ندم
وكذلكَ:
هنا... ك ثمّةَ رجلٌ
تشعرُ أزاءَهُ
كما لو أَنَّهُ مخلوقٌ قادمٌ
من الكهفِ الأوَّل
او من غاباتِ الدم
أو إنَّهُ جنرالٌ في حربٍ فنطازية
ولذا فالانثى المنهوبة والمهدورة
بمخالبِ رغبتهِ
ومخاوفِ قسوتهِ
تحتضرُ بطيئاً... بطيئاً
وتذوي مثلَ وردةٍ يتيمة
او مثلَ شمعةٍ خرساء
أو مثل اغنية مجروحة
تتحشرجُ في ليلِ العالمِ الثقيل
والطوووويل والغامضِ
كهاويةٍ تتسعُ
كي تبتلعَ أيَّ شئ
وكلَّ شئ
ولاتفكّر برجلٍ
أو بإمرأةٍ
ولا حتى بنبيٍّ أو إلهْ
-إذن...
هلْ المرأةُ - الأُنثى
ضحيُّةُ الرجلِ – الفحلِ ؟
امْ أنَّهُ هو ضحيَّتُها الابدية؟
أمْ أنَّ كلاهما ضحيّةُ الآخر؟
وهلْ هي نصفُهُ الآخر؟
أمْ خلاصهُ الأكيد
وملاذُهُ الأخير؟
هذا هو السؤالُ
وأَعني: سؤالَ الخليقةِ
وسؤالَ الكينونة
سؤال الحقيقة
سؤال العالم
سؤال الحياة
سؤال الوجود
سؤال الجوهر والمعنى
سؤال الرجل - الفحل
وسؤال المرأة - الانثى
تُرى حقاً
هل هذا هو السؤال؟
وأعني بهِ: سؤالَنا الكوني
الذي يكتفي بذاتهِ
ولا يحتاج الى اية أجوبةٍ
او أيّةَ ذرائعَ
أو أيّةَ عكّازاتٍ
نتكئُ عليها في متاهتنا الغامضة
وفي حيرتنا المرتبكة
وفي لا جدوانا وإحساسنا بالضجرِ
والضياعِ والخوفِ والذهول
والغيبوبةِ والغياب
الذي يُشبهُ الموتَ في الحياة؟
هلْ هذا حقاً هو سؤال الكينونة؟
أمْ انَّهُ جوهرُ المُطلق
وأبديتُهُ التي هي:
فردوسٌ حلُميٌّ او وهميٌّ
يسكنهُ فحلٌ عارٍ
وأُنثى تكرهُ أوراقَ التوت
ولاتسترُهما غيرَ غلالاتِ حبٍّ بدئيٍّ
ورغباتٍ مجنونةٍ وشبقٍ شهويٍّ
فاتنٍ وحيوانيٌّ وعجيبٍ
وهو سليلُ الرغبةِ الاولى
والشهوةِ الاولى
واللذّةِ الاولى
والبهجةِ الاولى
والحماقة الاولى
التي أخذتْ شكلَ المعصيةُ الحمقاء
والخطأ الأول
الذي حدثَ – كما تقولُ الحكاية
وهكذا هو يتكرر ثانيةً
هكذا دائماً وأبداً
يتكررُ بهيئةِ رغبةٍ ولذّةٍ وبهجةٍ
وغوايةٍ فاتنةٍ
ومصيرٍ غامضٍ
لهُ شكلُ الموتِ
وشهوةُ الحياة.