أرادوا تدميره بكل وسائل التخريب والدمار، لكن الانسان فيه يرفض دائما أن يكون خلف الآخرين، فتاريخه المشرق مناره وحافزه لتحقيق تواجده في القمة دائما.
هو العراق، والإنسان فيه هو العراقي، ابن الملحة، الذي ما أن تسنح له أية فرصة ليقول من خلالها: هذا أنا العراقي.. هذا أنا ابن وادي الرافدين .. هذا أنا هنا في المقدمة وجميعكم خلفي، وهو الأمر الذي فعله ابن الملحة في العاصمة القطرية، الدوحة، حينما صال وجال ليقف في المكان المتقدم، مع الكبار، كبار القارة الآسيوية، مع الذاهبين الى ريو دي جانيرو البرازيلية، وهو المكان الذي يتناسب مع اسمه وتاريخه.مبروك للعراق وشعبه الانتصار الذي حققه ليوث الرافدين بفوزهم الكبير على المنتخب القطري بعقر داره ووسط جمهوره، هذا الفوز الذي أهل العراق الى نهائيات المونديال بالرغم من الظروف القاهرة التي يمر بها.لم تكن مباراة المنتخب الأولمبي العراقي أمام نظيره القطري مباراة كرة قدم كحال المباريات التي تخوضها المنتخبات الأخرى في أرجاء المعمورة كلها، بل كانت معركة في كل قياساتها وصورها، معركة إثبات الوجود، الوجود العراقي الذي يحاول الكثير إلغائه، وتذكروا معي الكرة الخطرة جدا التي أبعدها اللاعب سعد ناطق في منطقة الستة ياردات بصدره ليحمي به عرين العراق من هدف محقق في وقت قاتل، وكأنه ذاك الجندي العراقي الذي احتضن ارهابيا بصدره كان يروم تفجير نفسه في وسط سوق شعبي.
ان ابعاد الكرة بصدر سعد ناطق بالطريقة التي فعلها ليست لقطة من مباراة بكرة القدم مطلقا، بل لقطة من لقطات المعارك الحربية التي يشهدها العراق منذ أعوام طويلة، وهكذا فعل الآخرون من اللاعبين، أولاد الملحة، إذ قاتلوا قتالا شرسا طوال أكثر من 120 دقيقة، وقت مباراة قطر، مثلما قاتلوا طوال أوقات مباريات البطولة كلها.
لقد كانوا بحق رجالا أشداء يستحقون الرهان الذي أعلناه في مقالتنا السابقة، بعد الخسارة غير المستحقة أمام اليابان.
من المؤكد أننا هنا لا نتحدث عن الشجاعة والحماسة والحس الوطني حسب، بل عن الكفاءة الفنية التي أثبتها ليوث الرافدين في جميع مباريات هذه البطولة، فضلا عن حنكة تعامل الكادر التدريبي، لاسيما في الشوط الثاني، شوط المدربين كما يطلق عليه، إذ كان شهد عبد الغني على قدر كبير من الكفاءة التي مكنته من السيطرة التامة على مجرى هذا الشوط من المباراة، وكذلك في شوطيها الإضافيين.
لقد قال أعضاء المنتخب الأولمبي كلمتهم من أجل العراق وشعبه، وقبلهم قالها أبطال الجيش العراقي بكافة صنوفه، وقالها الرجال الأشداء من أبطال الحشد الشعبي، ومثلهم أبطال العشائر العربية الأصيلة ... قالوها جميعا وبصوت واضح: العراق ينتصر بالرغم من جرحه النازف.
مبروك للجنة الأولمبية العراقية التي أشرفت على هذا المنتخب اداريا، ومبروك للاتحاد العراقي لكرة القدم الذي أشرف على هذا المنتخب فنيا، وللمدرب القدير عبدالغني شهد عبدالغني، وكادره المساعد المؤلف من حيدر نجم، وحبيب جعفر، وحيدر جبار، وصالح حميد مدرب حراس المرمى، وغونزاليس مدرب اللياقة البدنية الرائع، وكذلك مبروك للوفد الاداري في هذا المنتخب بقيادة كريم فرحان، والوفد الإعلامي المؤلف من الزملاء رائد محمد، ومحمد ابراهيم، وضياء حسين...
مبروك لنا جميعا الانتصار الكبير الذي سيجعل علم العراق يرفرف في البرازيل .. وعلى عناد داعش .. وعلى عناد داعش .. وعلى عناد داعش.
آخر الكلام : صورتان رائعتان تستحقان الشكر والتقدير، أولهما دموع الفرح، التي أذرفها كاظم سلطان ( أبو شوقي )، عضو الاتحاد العراقي لكرة القدم، بعد المباراة ..
وثانيهما الصلاة الحقيقية الموحدة للاعبين همام طارق، ومصطفى ناظم، وأيمن حسين.