دم الشهيد المدرب محمد عباس لم ينشف بعد، وهو المدرب الذي راح ضحية للعنف في ملعب كربلاء خلال مباراة من مباريات الدوري العراقي.
هذه صورة مأساوية من صور الشغب التي حصلت في ملاعبنا خلال المدة الماضية، وللأسف الشديد فقد شهدت ملاعبنا العديد من الصور المأساوية خلال العامين الماضيين، لكن حالها اشتد في الموسم الحالي بشكل غير معقول.
نعم، الشغب في الملاعب ليس ظاهرة عراقية، إذ أننا نشاهد ونسمع ونقرأ عن أعمال شغب حدثت في ملاعب العالم كلها ومن بينها دول متقدمة كبريطانيا وفرنسا وألمانيا، ودول عربية عديدة راح ضحيتها العشرات من المشجعين، لكن تبقى الصورة المأساوية التي حدثت في ملعب بورسعيد خلال مباراة في الدوري المصري هي الأبشع خلال العقد الأخير بعد أن سالت الدماء بغزارة وسط المستطيل الأخضر لهذا الملعب.
من المؤكد أن المتهم الرئيس في شغب الملاعب هو الجمهور، لكن لابد لنا من الوقوف على الأسباب الأخرى التي أوصلتنا ملاعبنا وجمهورنا الى حالة الفوضى العارمة، وأصبحت ظاهرة في أغلب مباريات الدوري العراقي خلال هذا الموسم، ونعتقد أن أهمها هو أن أغلب الملاعب العراقية غير محكمة من الجانب الأمني، وهو خلل يتعلق بالبنية التحتية لهذه الملاعب حيث لم تفكر الجهات المسؤولة في هذه الملاعب على احكام بواباتها الخارجية والداخلية، فضلا عن الأسيجة المحيطة بالملاعب من الداخل والخارج مما سهل باختراقها من قبل الجمهور في أية لحظة يقررها المشاغبون من هذا الجمهور.
أما الخلل الثاني فهو الذي يتعلق بتفاوت ثقافة اللاعبين وكوادرهم التدريبية، إذ أن تأجيج حالة الشغب قد تحصل نتيجة سوء فهم لحالة تحكيمية، أو نتيجة التصادم غير الرياضي بين لاعبين أو أكثر، وهو أمر قد يزيد من توترات بقية اللاعبين وينعكس بالتالي على الجمهور وينقلب الى ضجة عارمة داخل أرجاء الملعب.
والقضية الأخرى المهمة تتعلق بضعف إدارة الحكام للمباريات الجماهيرية، وهذا الأمر يتعلق بسوء اختيار لجنة الحكام في الاتحاد الكروي للحكم المناسب لهذه المباريات الذي ربما تتسب الأخطاء الواضحة التي يرتكبها خلال المباراة في فوضى عارمة في مدرجات الملعب، وربما تذهب بعيدا باختراقها أرض الملعب وهنا تحدث الكارثة.
وتبقى مسألة العقوبات الرادعة بحق المسيئين من الجماهير والمدربين والاداريين واللاعبين هي القضية الأهم للحد من هذه الظاهرة، إذ لاحظنا تفاوتا غير مبرر في توجيه العقوبات من قبل الاتحاد العراقي لكرة القدم لهؤلاء المشاغبين، فمرة تكون القرارات عنيفة جدا لحدث عادي جدا، ومرة أخرى بسيطة ازاء حالات تستحق الردع الحاسم، وهو الأمر الذي ساهم في استمرار هذه الظاهرة في ملاعبنا بشكل لا يصدق.
نحن على أبواب مباريات دوري النخبة التي ستشارك فيها الفرق الجماهيرية مثل الزوراء، والقوة الجوية، والشرطة، والطلبة، والميناء، لذا يجب على الاتحاد اتخاذ الإجراءات التي تتناسب مع حجم المنافسة الجماهيرية احترازا لوقوع أعمال شغب قد يذهب ضحيتها العديد من المشجعين .. ولنتذكر سوية مجزرة ملعب بور سعيد التي راح ضحيتها العديد من الشباب المصري، لتكون عبرة لملاعبنا، ومشجعينا، وإعلامنا، ومسؤولينا الذين تقع على عاتق مسؤولية حماية أولادنا وأخوتنا من كارثة ككارثة ملعب بورسعيد.