من الطبيعي جدا أن تحدث اعتراضات من هنا أو هناك على قائمة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي التي قدمها للبرلمان. نحن هنا لا نتحدث عن الاعتراضات التي تصب في مصلحة الاتجاه الاصلاحي ولا الاعتراضات التي تتعلق بالمحاصصة الحزبية، أو الطائفية والعرقية، بل نتحدث عن الاعتراضات التي تخص الجانب التكنوقراطي، وقبل هذا ونعتقد أنه الأهم الموضوع الذي يتعلق بإلغاء بعض الوزارات، ودمج بعضها بوزارات أخرى لا علاقة ببعضها البعض مطلقا.
ما يهمنا هنا هو اعتراض القطاع الرياضي الذي تم إلغاء وزارته، وزارة الشباب والرياضة، ودمجها مع وزارتي الثقافة والسياحة، إذ كانت حقا مفاجأة مخيبة لآمال أبناء هذا القطاع الحيوي والمهم في المجتمع العراقي، حيث كان الجميع ينتظر من العبادي الوصول الى حلول تخدم الرياضة العراقية وانتشالها من واقعها المؤلم الى واقع أفضل ضمن طريق الإصلاح الذي انتهجه العبادي خلال الآونة الأخيرة.
الاعتراض لا يكمن في قضية إلغاء الوزارة فقد كان ذلك متوقعا، لكن الحل لم يكن متوقعا بدمجها في وزارتين لا تلتقي الرياضة معهما في أي مشتركات، فالثقافة والسياحة خطاهما يختلفان اختلافا كبيرا مع الرياضة وأهدافها واهتماماتها، ولا نريد أن ندخل هنا في تفاصيل أهداف المسرح والدراما والشعر والرواية، والمراقد الدينية، وآثار بابل، وسوق الصفافير، ونقارنها بأهداف ملعب الشعب الدولي، والمسبح الأولمبي، وصالات الملاكمة، ومضمار الساحة والميدان، وحلبات المصارعة فهناك بون شاسع، وهناك فرق كبير بين الشباب الذين يهتمون بالجانب الثقافي والسياحي، الشباب الذين يهتمون بالمجال الرياضي من حيث الأهداف والتطلعات.
نعتقد أن مشكلة بعض الساسة في العراق تكمن في نظرتهم الضيقة الى الرياضة باختصارها على أنها ( طوبة ) فقط، وهذه النظرة الضيقة هي من الأسباب التي نعتقد أنها دفعت أغلب السياسيين العراقيين الى تهميش الدور الكبير الذي تلعبه الرياضة في تقدم البلد.
لو ألقت اللجنة التي دمجت وزارة الشباب والرياضة بوزارتي الثقافة والسياحة نظرة بسيطة الى البلدان المتقدمة في العالم كألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها لوجدت أن هناك اهتماما كبيرا في الشأن الرياضي، إذ أن هذه البلدان خصصت مليارات الدولارات من أجل خدمة الشباب في بلدانها لدفعهم لممارسة الرياضة حيث بنت لهم الملاعب في كل المدن الكبيرة منها والصغيرة أيضا.
نعتقد أن هذه النظرة الضيقة هي التي أوصلت اللجنة التي كلفها العبادي بتشكيل حكومة تكنوقراط الى ما وصلت اليه من قرار خطير بحق الرياضة العراقية وهو الذي تمثل بدمجها بوزارتين مختلفتين معها بالشكل والمضمون
. أما الإجحاف الآخر فهو الذي تمثل بتسمية الشخص الذي يدير هذه الوزارة حيث تم اختيار شخصية من الوسط الفني، وهو الدكتور عقيل مهدي، ونحن هنا لا نعترض على شخص الدكتور، لكننا نتساءل عن تكنوقراطية الدكتور مهدي في المجال الرياضي فالواقع العلمي لهذا الرجل لا يشير، لا من قريب ولا من بعيد الى دراية علمية بالرياضة ونتساءل أيضا عن سبب عدم تسمية شخصية من القطاع الرياضي الذي فيه المئات من الكفاءات العلمية والقيادية التي تستحق إدارة وزارة حالهم من حال الدكتور مهدي.
بالمناسبة، مطالبتنا بتسمية شخصية رياضية لإدارة الوزارة الجديدة لا تعني موافقتنا على دمج الرياضة بالثقافة والسياحة، إذ أننا نرفض أصل الموضوع رفضا قاطعا، لكننا نسوق ذلك لتأكيد قضية تهميش القطاع الرياضي استنادا الى النظرة الضيقة التي يعاني منها هذا القطاع. هناك فرصة كبيرة لتغيير هذا الأمر الخطير حيث أن الكرة الآن في ملعب البرلمان، وتقع هذه المسؤولية على عاتق لجنة الشباب والرياضة البرلمانية تحديدا، إذ يتوجب عليها طرح هذا الاعتراض بشدة على رئيس مجلس الوزراء ونقترح أن يكون الحل بفصل الرياضة عن الثقافة والسياحة بتشكيل هيئة مستقلة خاصة بالشباب والرياضة، وهنا لا نخترع بدعة جديدة، إذ أن هناك العديد من البلدان ومنها المجاورة للعراق فيها مثل هذه الهيئة التي تدير هذا القطاع وحققت من خلال هذه الهيئة تطلعات الشباب والرياضيين، بل حققت من خلالهم إنجازات تفتخر بها بلدانهم.
مثلما ذكرنا أن الكرة الآن في ملعب البرلمان وبالتحديد في ملعب لجنة الشباب والرياضة البرلمانية .. فهل سنسمع اعتراضهم ومقترحاتهم حول هذه القضية خلال الأيام القليلة القادمة.