الدوري العراقي في أبهى صوره، حيث الإثارة الفنية تزداد جمالا من مباراة الى أخرى، والمنافسة على أشدها بين الفرق التي تخوض غمار منافسات مرحلة الدوري الأخيرة، دوري النخبة، الذي تأهلت اليه ثمانية فرق من المجموعتين اللتين خاضتا غمار الدوري العام.
هذه الإثارة الممتعة بين الفرق جعلت مدرجات الملاعب سواء في بغداد، أو البصرة، أو النجف تمتلأ بالجماهير حيث وصل عددها في مباراة الزوراء والجوية الى أكثر من 45 ألف متفرج، وهي حالة غابت عن ملاعبنا في السنوات الأخيرة، الا في ما ندر.
الأندية التي تأهلت الى دوري النخبة تضم في صفوفها أفضل لاعبي الكرة العراقية، وفضلا عن ذلك فان مباريات هذا الدوري أفرزت العديد من الطاقات الشابة التي تستحق أن تأخذ فرصتها في تمثيل المنتخبات العراقية، ونحن على يقين أن هذا الأمر سيحصل في قادم الأيام، لاسيما أن مدرب المنتخب الوطني الكابتن راضي شنيشل سيأخذ مساحة كافية من الوقت للاطلاع على مستويات هذه الطاقات في ظل تواجده كمدرب لفريق الشرطة المشارك في دوري النخبة (قبل اعلان استقالته من تدريب الفريق)، وكذلك في ظل تفكيره الجدي ببناء منتخب يضم لاعبين لهم القدرة على التواصل معه خلال السنوات الثلاث القادمة التي سيشرف فيها على تدريب المنتخب خلال مرحلة التصفيات الأخيرة لنهائيات كأس العالم 2018، وبطولة كأس آسيا 2019.
تواجد خيرة المدربين العراقيين مع الفرق المتأهلة الى دوري النخبة من أمثال راضي شنيشل مدرب الشرطة، وباسم قاسم مدرب الزوراء، وأيوب أوديشو مدرب الطلبة، وثائر أحمد مدرب نفط الوسط، فضلا عن السوري حسام السيد مدرب الميناء، تواجد هذه النخبة المميزة من المدربين ساهم مساهمة كبيرة في تميز مباريات هذا الموسم، إذ أن الصراع التدريبي بين هؤلاء المدربين كانت معالمه واضحة في جميع المباريات التي جرت ضمن هذا الدور، أما بقية المدربين فقد قدم فريق النفط مباريات كبيرة تحت قيادة المدرب حسن أحمد وكان ندا واضحا لجميع المدربين وحقق فريقه نتائج رائعة أمام الفرق الجماهيرية، لكن أحمد خلف مدرب أمانة بغداد لم تسعفه أدواته الشابة في مواجهة الفرق الكبيرة.
أما مفاجأة هذه المرحلة فقد تمثلت في ظهور فريق القوة الجوية بمستوى غير مقنع تحت إشراف مدربه الجديد علي هادي الذي استلم الفريق بعد خسارة الجوية مباراته الأولى تحت إشراف المدرب صباح عبد الجليل.
هناك ناحية أخرى ساهمت في ظهور مباريات دوري النخبة بشكلها الرائع وهي التي ترتبط بالملاعب وإرضياتها، فملعب الشعب الدولي بحلته الجديدة، فضلا عن ملعب جذع النخبة في المدينة الرياضية في البصرة كان لهما الدور المهم أيضا في هذه الإثارة، إذ أن أرضيتهما الصالحة للعب أظهرت كفاءة ومهارة اللاعبين داخل المستطيل الأخضر بشكل واضح. ولا ننسى مطلقا فضل الجمهور الكروي في هذه الاثارة الممتعة لمباريات دوري النخبة من خلال روابط الأندية، إذ تميزت في هذه المرحلة بميزة التشجيع النظيف، بعكس ما ظهرت عليه بعض هذه الروابط في مباريات الدوري التي شهدت العديد من أعمال الشغب المؤسفة، ونتمنى أن يستمر الحال على هذا الشكل في المباريات القادمة.
لا يمكن لنا تجاوز الدور الذي لعبته لجنة المسابقات في الاتحاد العراقي لكرة القدم فقد نجحت هذه اللجنة في تمشية أدوار هذه المرحلة المهمة من الدوري بالرغم من بعض التأجيلات التي حصلت بسبب انشغال فريقي القوة الجوية ونفط الوسط ببطولة كأس الاتحاد الآسيوي للأندية، لكن لا يمكن تجاوز عمل لجنة الحكام، إذ أن هذه اللجنة فشلت في اختيار الحكام المناسبين لبعض المباريات، وهو أمر تسبب في أن تدفع بعض الفرق ثمنا قاسيا بفعل الأخطاء المؤثرة التي ارتكبها هؤلاء الحكام. آخر الكلام الدوري المميز ينتج منتخبات وطنية مميزة.