لن أتحدث هنا عن تاريخ الملاكم العالمي الكبير محمد علي، الذي يعد أشهر وأعظم شخصية رياضية على مدار التاريخ، إذ غطت الصحف والقنوات التلفازية في العالم كله خبر وفاته، وأشارت الى إنجازاته الكبيرة، وتاريخه الحافل بالميداليات والجوائز، من ملوك ورؤساء جمهوريات، ومنظمات عالمية كبيرة. ولن أتحدث عن جنازته المهيبة التي حضرها عشرات الآلاف من محبيه وكبار الشخصيات العالمية، وحتى من منافسيه الذين أشبعهم من لكماته القاضية.
سأتحدث هنا عن مفارقة غريبة تتعلق باسمه، وفارق التعامل حول ذلك بين الاعلام الغربي من جهة، والإعلام العربي من جهة أخرى حيث أن هذا الملاكم وبعد أن اعتنق الديانة الاسلامية غير اسمه من " كاسيوس مارسيلوس كلاي" الى "محمد علي".
وهكذا أصبح يشار الى اسمه الجديد (محمد علي) في الوسائل الإعلامية المقروءة والمرئية، في كل بقاع الأرض، ومن بينها أمريكا، وكندا، وأوروبا، وأمريكا الجنوبية، الا في الاعلام العربي، فالجميع يصر على تسميته (محمد علي كلاي)، مع أن هذا الأمر يعد مخالفة حسب القوانين المعمول بها في دول العالم كله، إذ تعد من القضايا التي تندرج ضمن التمييز العنصري.بالمناسبة، محمد علي يكره أن يطلق عليه (كلاي)، وهناك حادثة شهيرة حصلت قبل مواجهته الملاكم الشرس إيرني تيرل في هيوستن في العام 1967، وهو ملاكم لم يهزم على مدار خمس سنوات قبل هذه المواجهة، إذ كان تيرل يتقصد اهانة محمد علي في وسائل الاعلام مناديا إياه " كاسياس كلاي "، مما جعل محمد علي مصمما للانتقام منه ووجه له جملته الشهيرة في احدى اللقاءات التلفازية " لم لا تناديني باسمي يا رجل .. ألم أقل لك ان اسمي هو محمد علي، وليس كلاي .. سأعاقبك وأجعلك تنطق اسمي الحقيقي داخل الحلبة".
وبالفعل، سخر محمد علي من تيرل في هذا النزال، وتحديدا في الجولة الثامنة منه، حيث كان يوجه له اللكمات ويصيح "ما هو اسمي .. ما هو اسمي"، وفاز علي في تلك المباراة وأجبر الجميع على احترام اسمه الجديد. نعم، أجبر الجميع على احترام اسمه الجديد الا الاعلام العربي الذي ظل مصرا على تسميته القديمة، ونحن على يقين أن محمد علي لو كان يعلم بإعلامنا العربي لكان وجه لكماته القاضية لكل إعلامي ينطق اسمه بالصيغة القديمة، كما فعل مع الملاكم إيرني تيرل.
ربما أن السبب في ذلك يعود الى عدم وصول المعنى الحقيقي، الذي يؤمن به الملاكم محمد علي، للإعلام العربي، حول فكرة تغيير اسمه، وربما أيضا بسبب عدم وجود نظام " الستلايت " في هذه البلدان في عقود الستينات، والسبعينات، وحتى الثمانينات كي يسمعوا أو يشاهدوا لفظ اسمه في القنوات التلفازية الغربية، لكن الحال اختلف في زماننا الحالي حيث يستطيع أي متابع سماع النشرات الإخبارية الرياضية عبر القنوات الإعلامية ومن السهل جدا أن ينتبه الى كيفية نطق اسم هذا الملاكم من قبل مذيعي النشرات الإخبارية ومقدمي البرامج، حيث ينطقون اسمه (محمد علي) من دون ذكر اسم ( كلاي)، لكنني تذكرت أن نزالات محمد علي كانت تعرض في القنوات العربية في تلك الفترة، وكان المعلق يصيح بأعلى صوته اسم محمد علي، من دون كلاي، وحقا لا أفهم اصرار الاعلام العربي على هذا الخطأ الجسيم، فهل هو جهل، أم ماذا؟
آخر الكلام: رحل الأسطورة محمد علي فهل سينصفه الاعلام العربي في نطق أو كتابة اسمه بالشكل الذي كان يبتغيه قبل وفاته؟