التعادل الأول: مخيب
شتان ما بين الثقة بالنفس، والخوف والتردد والقلق. من المؤكد أن الثقة بالنفس تمنحك فرصة للتفكير ومن ثم تصل بك الى القرارات الصحيحة، أما انعدامها فيجعلك متخبطا في قراراتك، ويسير أغلبها الى الاتجاه الخاطئ.
الحال الذي كان عليه عبدالغني شهد، مدرب منتخبنا الأولمبي قبل وأثناء مباراة منتخبنا الأولمبي الأولى أمام الدنمارك في أولمبياد ريو كان يشير الى قلقه وخوفه وتردده، لذا خرج علينا متخبطا في التشكيلة التي خاضت هذه المباراة، وكذلك ظهر متخبطا في توظيف اللاعبين، فضلا عن التخبط في مراكز بعضهم ومنهم على سبيل المثال اللاعب همام طارق، الذي أشركه كظهير أيمن، وهي المرة الأولى التي يلعب فيها هذا اللاعب في هذا المركز، وكذلك اللاعب علي حصني الذي لم نشاهده في هذه المباراة الا في استثناءات قليلة جدا!!.الخوف ظل ملازما له حتى بعد أن توضحت صورة الفريق الدنماركي البائسة فنيا، إذ أنه لم يستدرك لتغيير وضع فريقه الأفضل بالأداء والمستحوذ على الكرة، لكن من دون خطورة حقيقية على مرمى الخصم.لقد كان جميعنا ينتظر احداث تغيير في التكتيك الهجومي بزيادة عدد المهاجمين الصريحين مثلا، لكنه أخرج حمادي أحمد، المهاجم الوحيد، وأدخل مهند عبد الرحيم كمهاجم وحيد في حالة غريبة لا تتناسب مطلقا مع أحداث المباراة.لقد أهدر شهد فرصة تحقيق الفوز في مباراتنا الأولى أمام منتخب الدنمارك، وهو الأمر الذي جعل فرصة تأهل منتخبنا الأولمبي صعبة جدا، إذا ما وضعنا في حساباتنا أن المباراة الثانية ستكون أمام البرازيل، البلد المضيف للبطولة، فضلا عن اسمه وتاريخه، وكذلك حاجته الماسة الى تحقيق النقاط الثلاث من مباراته أمام منتخبنا بعد أن فقد نقطتين مهمتين في مباراته الأولى مع منتخب جنوب أفريقيا.
التعادل الثاني: نقطة من التاريخ
لم يكن أمام عبدالغني شهد الا العودة الى ترتيب أدواته بواقعية تتناسب مع ما متوافر لديه من لاعبين يمتلكون قدرات فنية وبدنية لا يمكن الاستهانة بها، ولا يحتاجون الا بوضعهم في المكان المناسب، وتوظيف قدراتهم مع متطلبات المباراة بخطة تتناسب مع قدرات الفريق الخصم، وهو الفريق البرازيلي، المعروف بمستواه الفني العالي، فضلا عن أن المباراة تقام على أرضه، وبين جمهوره المجنون بكرة القدم، لذا عاد شهد الى منح الثقة بالمدافع علاء مهاوي بمركز مدافع اليمين المتمرس به منذ مدة طويلة، بدلا من همام طارق الذي خاض المباراة الأولى في هذا المركز الغريب عنه تماما، لينجح مهاوي في وقف واحد من أهم نجوم الكرة بالعالم، ونعني اللاعب نيمار.
أيضا شاهدنا أن شهد فهم الدرس جيدا، نعني درس المباراة الأولى، لذا بادر بالهجوم، لكنه كان مطمئنا للخطوط الخلفية بوجود لاعبين قادرين على حماية عرين العراق، وكاد مهند عبدالرحيم يسجل هدفا في الدقيقة ( 11 )، لكن الحال لم يستمر طويلا بعد أن كشر البرازيليون عن أنيابهم، لذا قرر العودة الى اللعب بواقعية معتمدا على خطة لعب دفاعية نظرا لقوة المنتخب الخصم، وقام بتعزيز الخطوط الخلفية معتمدا على الروحية القتالية المعروفة عند اللاعبين العراقيين، وقد أثبتوا ذلك فعلا بعد أن قاتلوا قتالا شرسا في هذه المباراة وتمكنوا من انتزاع نفطة ثمينة من المنتخب البرازيلي، بل نقطة من تاريخ كرة القدم، لينالوا احترام جميع من تابع هذه المباراة، وخاصة الجمهور البرازيلي الذي ظل يهتف في الدقائق الأخيرة : عراق .. عراق.
آخر الكلام صباح هذا اليوم ستكون محطة منتخبنا الأخيرة في المرحلة الأولى من هذه البطولة ويحتاج فيها منتخبنا الفوز على منتخب جنوب أفريقيا، وكل ما نتأمله أن يكون فيها عبدالغني شهد واثقا من نفسه ومن اللاعبين الذين معهم، وهم فعلا أهلا لهذه الثقة.