بعد الخسارتين اللتين تعرض لهما المنتخب العراقي في الجولتين الأولى، أمام أستراليا، والثانية، أمام السعودية، ضمن التصفيات الأسيوية المؤهلة الى نهائيات كأس العالم 2018، كان من الطبيعي أن يتعرض الكابتن راضي شنيشل الى النقد من قبل الاعلام الرياضي، والمدربين، والمحللين، والأكاديميين.
كان لابد من طرح وجهات النظر من قبل الجميع، ووضع المؤشرات التي أدت الى هاتين الخسارتين، فهناك رأي اعترض على التشكيلة الأساسية للمباراة الأولى، ورأي آخر اعترض على توظيف بعض اللاعبين، وعلى طريقة اللعب، وآخر اعترض على التبديلات في المباراتين، وبعض الآراء استغربت تراجع الأداء الهجومي في الشوط الثاني من مباراة السعودية.
من المؤكد أن هذه الآراء وغيرها تصب في خدمة الكادر التدريبي، إذ أن الغرض منها تصحيح المسار في قادم مباريات هذه التصفيات، لكن ظهر على السطح أنواع أخرى من النقد المثير للاستغراب، بل للاستهجان، لاسيما أنه صدر من شخصيات أكاديمية، أو تدريبية، فمثلا الدكتور صالح راضي، وهو أستاذ في كلية التربية الرياضية، فضلا عن عمله كمدرب أشرف على العديد من الأندية العراقية، ظهر في برنامج رياضي حدد فيه أسباب الخسارتين بعبارة غريبة هي : ان راضي شنيشل "منحوس"، لذا خسر في المباراتين وسيخسر في جميع المباريات القادمة!!.
لم يكتف هذا الأكاديمي بهذا التحليل، بل أضاف اليه عبارة أخرى أجدها في غاية الغرابة، وهي التي تتعلق بإصراره على أنه يستطيع تشكيل منتخبين وطنيين من الدوري المحلي، ليست لهما علاقة بالمنتخب الحالي، ويستطيع بهما التأهل الى كأس العالم!!.
وهنا يتبين الفارق بين النقد والحقد، إذ أن كلام هذا الأكاديمي يبعد عن الحقيقة بمسافات ضوئية، فمن أين يجد صالح راضي مدافع يسار في الدوري العراقي أفضل من ضرغام اسماعيل مثلا، أو مهاجم أفضل من مهند عبدالرحيم، أو لاعب في خط الوسط أفضل من سعد عبدالأمير، أو حارس مرمى أفضل من المتواجدين في صفوف المنتخب الحالي، أو غيرهم من اللاعبين.
الأمر الغريب الآخر في هذا الأكاديمي، الذي يحمل شهادة الدكتوراه، أنه يعتقد بالروحانيات والتعاويذ، ويؤكد ذلك من خلال ضربه أمثلة عن بعض اللاعبين الذين يحملون مثل هذه الخرافات على أكتافهم، لكنه لا يؤمن بضرورة تواجد اللاعبين المحترفين، أو المغتربين في المنتخب بسبب عدم التحاقهم بالمنتخب الا قبل ثلاثة أيام من موعد إقامة المباريات الرسمية، وهو بذلك يقفز على حقيقة تؤمن بها جميع منتخبات العالم وفقا لقرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم.
هو يقفز على حقيقة أن هؤلاء اللاعبين المحترفين قد حصلوا على فرصة الاحتراف لأنهم الأفضل فنيا مقارنة بنظرائهم من اللاعبين المحليين، وهو يقفز على حقيقة أن تواجدهم في صفوف المنتخب ضرورة قصوى لتدعيم إمكانات المنتخب الفنية نظرا لمستواهم المتقدم عن بقية اللاعبين.!!.
من الطبيعي انتقاد المدرب على خطة لعب أدت الى خسارة المباراة، ومن الطبيعي انتقاد تبديلات المدرب، فلكل منا وجهة نظر، لكن ليس من الطبيعي تحميل مدرب الفريق مسؤولية خطأ فردي يرتكبه مهاجم أضاع فرصة محققة، وليس من الطبيعي تحميل المدرب خطأ فردي من لاعب تسبب في هدف، أو ركلة جزاء، فهذه حالات فردية يتحملها اللاعب نفسه، لكن صالح راضي أصر على تحميل راضي شنيشل الأخطاء الفردية التي ارتكبها بعض اللاعبين في مباراة السعودية، وهو بذلك يجافي الحقيقة العلمية التي من المفترض أنه يمتلكها باعتباره حاصل على شهادة الدكتوراه في علم كرة القدم، الحقيقة التي تؤكد على أن الخطأ الفردي الذي يحصل من قبل لاعب منتخب وطني يتحمله اللاعب نفسه، لكن الحقد الدفين، هو العامل الذي دفعه الى الوقوع في مثل هذه التصريحات، التي ناقضها هو بنفسه في فقرات أخرى، إذ اعترف بضعف الدوري العراقي، وعدم وجود بنية تحتية بالعراق، بل تجاوز على جميع المدربين العراقيين حينما وصف عملهم التدريبي بعمل " الفيترجية"، وهو واحد من هؤلاء المدربين، إذ عمل مع العديد من الأندية العراقية، ولا نفهم كيف يستطيع صالح راضي وفق قياساته لواقع حال الكرة العراقية الذي اعترف به صراحة من تشكيل منتخبين عراقيين من الدوري المحلي يستطيع بهما التأهل الى نهائيات كأس العالم!!.
من المؤكد أننا لن ندافع عن راضي شنيشل ان أخطأ، بل ننتقده من خلال وضع مؤشراتنا وأفكارنا على طاولته بروح بناءة، وليست حاقدة وهدامة، كما فعل صالح راضي الذي تيقنا جيدا أنه لو استلم مهمة تدريب المنتخب في يوم من الأيام فانه سيطالب الاتحاد العراقي بالتعاقد مع " فتاح فال" أو "مشعوذ"، أو "دجال".
آخر الكلام:
هزمنا .. ومازلنا شتات قبائل تعيش على الحقد الدفين وتثأر ..
نزار قباني