كنت كلما عدت من العمل الى البيت ووجدت مجموعة من النساتل المتنوعة والموز وسكائر المارلبورو، عرفت أن أحدا من أهل زوجي قد جاءنا من البصرة الى بغداد.
لم تكن النساتل وحدها هي فرحتنا بوصول الضيف ولكن القشطة المعبأة ذات علامة نستله هي الأخرى تشكل محورا للفرح والسعادة.
كانت هذه المواد تشير الى الحياة المرفهة لشعب الكويت والتي يتم تهريبها أو تصديرها الى البصرة بخفية تامة. كانت السلطات تحارب النستلة وانتشارها كما تحارب الدول المخدرات، لكن الشعب أكل النستلة رغم أنف السلطة ومنعه من أكلها.
كانت النستلة مهمة لشعب كامل، فهي لا تعني له المذاق وجمالية التصنيع والشكل الجميل، بل كانت تعني تحدي السلطة التي كانت تكرم الشعب بدجاجة في الحصة التموينية بدلا من قطع النستلة المهمة التي كادت أو كانت سببا بإطاحته.
ان خوف السلطة كان متأتي من السعرات الحرارية العالية في النستلة التي بدورها ربما تؤدي الى طاقة لا تستنفد إلا بثورة أو انتفاضة شعبية، فقام باستيراد " توتو" من الأردن كبديل للنستلة الشهيرة مثل "مارس"، "باونتي" و "سنكرز" وغيرها.
إن شعبنا الحي ترك خيرات بلاده من التمور ومشتقاته وذهب خلف امبريالية النساتل، إنه شعب يحب الحياة ويحب التغيير بعدما اكتوى على مر سنين بأكل "الخبر المخلوط بالحشيش" كما صرح أحد أزلام الدولة الجديدة!
وما أعتقده ان الجماهير الثائرة في ساحة التحرير والمطالبة بالإصلاح، ستضم الى قائمة مقترحاتها توفير النستلة للشعب وإلا فلن تقوم قائمة لحكومة المحاصصة التي تحاصصت حتى بماركات النساتل ومناشئها!
ما خفي على المسؤول العراقي أن الإرهابيين يفجرون أنفسهم للفوز بالنستلة مع حور العين في الجنة، فهل تطالبهم بالتوقف عن ارهابهم لنفاد النساتل؟
وما خفي عليه أيضا أن سيدة عراقية تكالب عليها الزمان، تسكن في بيتها المبني من الصفيح المعبأ بالتراب، والمشيد قرب أنقاض البلدية، أن خرجت ماسحة الغبار عن وجهها فاركة عينيها بعد سماعها تصريحكم لتقول "غدي.. غدي.. شنو يعني نستلة؟"
*كلمة عامية تستخدم للتعبير على الاشمئزاز في العراق