على عتبة الملتقى وحول نور القمر تراقصت اجنحتهن، تعكس انكسارات الفرح على ثغر موجات دجلة. وعلى عتبة الملتقى خلعن حزنهن وأودعنه على ناصية الطريق.
كل الالوان تمازجت حتى الموشحة بالسواد!
القصب والبردي وسعف شط العرب وأوراق اللوز وأغصان زيتونتي تعانقن ورقصن على انغام سيمفونية الحياة.
السماء كانت حاضرة مرتين، مرة زفت القمر لعيد نساء العراق والعالم، اللواتي أغلقن نافذة الذاكرة وفتحن لبرهة بوابة للضوء والفرح.
ما بين النافذة والبرهة، تلبدت الارض وحضرت السماء، اهتزت الفرائص. صراخ الأجراس وصداه وصوت يرنم قصائد، قوافيها شظايا وانفجار.
كانوا يتسكعون بين الازقة وطرق الرعب، جوعى يبحثون عن فتات حرية أو كسرة حياة، ضائعون في متاهات الاماني وأحلام الوعود .
صمت يزمجر، ترعد الارض، تبرق بلا مزن!
تتساقط الحمائم في لهيب الحقد، وتحلق الغربان أدخنة تكتم على الهواء أنفاسه.
أصيبت بالصمم، الانغام تنشزت، تبعثرت، ولون الدم أطفأ ضوء القمر.
على عتبة الملتقى تسارعت الفراشات، تتعثر خطواتها، تلملم حزنها من جديد، وابتعد الفرح ينظر بطرف عينه يومئ بالوداع .
وما بين الدخان الذي وحد لون أجنحتهن، وبين سماء بغداد والمقدادية، مدينتي التضحية والأبطال، كانت أكثر من مشكاة تضيء مصابيحها لتلحق بنور الله والفراشات تحلق حائمة حولها، ونافذة الذاكرة يفتح مصراعيها الاعصار.
على عتبة الملتقى، يتكأ الوجع كهلا، يلوح بشالات العفة التي طيرها العصف، ويتنهد بأنين يبحث عن فيء وبقايا ذكرى، ألوان هنا ودخان هناك!
بين البرهة والـنافذة، جبال هم اثقلت الحمل على أرض الصبر، وومضات فرح، تبصر الآه وتبتسم بالعيد، تنهض، تراقص الجرح بدمع مستتر وعتب مستديم.