كنا نزرع نبتة في عيد الشجرة، تنمو معنا، تخضر، تعانق النسمات الباردة، تتدلى منها لآلئ الندى تعطر التراب.
آذار، شهر الربيع، ما ان يبدأ في تقويم العام حتى تبدأ الزهور تبعث قداحها الفواح فيصبح الوطن ايقونة عطر على امتداده.
انه عيد النوروز الذي يحتفل به شعبنا فوق الجبال وفي السفوح يلونون الوطن بزخرف الفرح.
ومن هناك حيث جدائل الموصل محناة بفيض التضحيات، تمتد جمالية الربيع، فهو يقظة الحياة ويومها الجديد.
أبناؤنا يدبكون على طبول النصر، وتزغرد بنادقهم لكسح ما علق في مدننا من آثام.
إنه الربيع القادم بجوقه الموسيقي يزف النصر على راحلة الشهادة، ويزرع الياسمين بديلا للعبوات التي لم تنبت إلا حنظل الموت.
الموصل وأربيل تشابكت بنانهم مع ذي قار والبصرة يدبكون في بغداد ، يغنون للعراق في ربيعه الجديد.
وتخرج الأنوار في سماوات الوطن تضيء بساتين العشق والتلاحم، تفترش العفاف وتوقد النيران من فوهات الإصرار، ترفرف حولها أرواح الراحلين، أمي التي عانقتُ روحها في الوداع، وابي الذي افترش الغربة وسادة الرحيل، وسلام الذي لم يكمل الغدر ربيعه، هناك في السراب يعيش ضمأ الشوق وتحتار المفردات في التيه تبحث عن مخارجها تلهج في حب العراق.
نوروز يراقص الزمن، يولد كل يوم لأهزوجة امهاتنا اللواتي ما يئسن من أمل بعيد، بين تجاعيد الزمن ترتسم ابتسامة أنهكها الانتظار، ويولد لهن في كل يوم ربيع.