بدأنا نتحول رويدا رويدا الى اعتناق النمط الفوضوي ونؤسس له بعدما أصبنا بالضجر مما يحيطنا من تكرار المشاهد وتنوع الأدوار.
مبعثرون كأشيائنا، ضائعون كأوقاتنا، ننتظر المجهول.
إنها الفوضى التي أفقدتنا ترابطنا، ووّلدت فينا التنافر وتناثر الأفكار.
تركنا مراتعنا وأسسنا ساحات لمعارك الاختلاف، فلا سرنا بات مخزونا، ولا أبواب مبادئنا بقيت مؤصدة.
كل شيء ملقى على قارعة الخلاف، عبقرية جديدة آمنا بها في صراعات الأوهام. اضطراب على قاعدة الحياة، كدمية المسرح يحركها الممثل الخفي، نتراقص ونفتعل الحركة بلا إرادة، معلقون بخيوط التحريك المتشابكة بين أصابع محركها.
يقيننا تهشمه فؤوس السلوكيات اللامنتظمة، تائهون في مفترقات الهويات المفروضة، هائمون في سرابات الوصول، بينما المؤسسون لها يختفون وراء جدار مصالحهم. أنها الفوضى الخلاقة التي شيد لها من خلف الأسوار فصرنا نتعايش معها ككفاف يومنا، روتينا لا يفارق حتى معتقداتنا التي سارت في منهجيات منفعلة لا تهدأ ثورة عصبيتها الا بعصبية أكثر عنفا.
أصبح القاتل والمقتول على خط واحد، كلاهما حق فوضوي، السارق والمسروق ينتميان الى ذات النهج الوطني، وكل متناقض، أضحى متناغما في حداثية التغيير الفكري الجديد.
زوبعاتنا تقام الدنيا لها ولا تقعد، غبارها يعمي العيون التي لا تبصر أبعد من أرنبة أنفها.
وبينما تقتلع من جذورها منابتنا، نقبض على الأمل بيد متشبثة بالحياة، غريق على لوح خشبي تلاطمه الأمواج.