نعمة العقل هي الوحيدة التي تميز الانسان على بقية الخلق وربما يتشارك بها الملائكة أيضا، كما قال الامام علي (ع): ان تغلب عقل الانسان على نزوته كان عند الله أفضل من الملائكة.
ما يدعو الى هذه المقدمة هو أن نستلهم العبر لما بعد داعش وتحرير الموصل بشكل خاص.
لقد أثر الفكر المتشدد على مدى ثلاث سنوات في عقول الناس الذين كانوا يرزحون تحت سطوته الإرهابية، ما غير في طريقة تفكيرهم وايمانهم وطرق معتقداتهم.
ومن المسلم به أن يكون عقل الإنسان مرآة لأفكار المحيط الذي يؤثر بنمطية تفكيره ليكون جزء من حالة عامة تفرض نفسها بالدين أو العرف أو التقليد، فينصهر ضمن البيئة الاجتماعية والفكرية بالعقائد التي تؤثر تأثيراً بالغاً عليه في الوقت الذي يعاني فيه من عدم وجود البديل أو عدم تأثيره البالغ.
إن المرحلة القادمة تتطلب من ذوي الاختصاص بضمنهم رجال الدين، وضع خطة محكمة تتساوى بأهميتها مع خطة تحرير الموصل عسكريا، من أجل إعادة بناء الإنسان وجعل فكره قادراً على التمييز بين الصالح والطالح، وبناء وطنيته باتجاه حب الوطن والارتماء بين أحضانه على قدم المساواة مع كل العراقيين.
أؤكد انها صناعة صعبة في ظل الضغوط وتزايد المحن، وتكالب الأعداء، إلا انها من الأولويات التي يجب الانتباه اليها قبل اعمار المدن وبناء ما دمرته الحرب فبالإنسان تبنى الحضارات ان توفر العقل السليم.
إن الغاية هي إعادة تأهيل العقل العراقي المصادر كي يعود الى حمل خصائصه الإيمانية والأخلاقية الواعية من أجل تأسيس مجتمع حضاري إنساني يرتقي ببنيه ويحفظ كرامتهم بعيدا عن الاحتقان الطائفي والاثني الذي لا يولد الا البغضاء والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
إن وضع لبنة البناء لقاعدة فكرية وطنية صلبة، تترسخ فيها المفاهيم الجلية، تحول دون امتداد سيل الفكر المتشدد الذي يستحوذ على الانسان وينفرد به في حالة وجود الفراغ والأرضية الخصبة.