شفافية الانصهار ضمن الكل، أن تكون منتجا تصبو الى الهدف بجهد لتحقق المبتغى المنشود، فتصل الى تكريم ذاتك والترفع بها عن شوائب التفكير المنعزل.
فالحرف كرم نفسه بالقلم والدواة التي أتقنت وتفننت بولادة الفكرة التي انبثقت من العقل الإنساني، ومنها ذابت بمجموعة أخرى كي تضحى أنشودة تصدح بها الحناجر.
لقد تحرر الإنسان بطبيعة خلقه المكرمة من كل عبودية، غير تلك التي تصب في عالم الألوهية، وبذلك انطلق في سماء الحرية يبدع فيها ما وهبه الخالق من تكريم، فينتج غير المألوف ولا يستهلك انتاجه، بل يتراكم ويصطف بانيا صرحا تأريخيا على غير مايبنيه سواه.
ونهر العراق الثالث، شاعرنا الخالد محمد مهدي الجواهري، هو مكرمة استحقها العراقيون، وامتد استحقاقها الى مديات أوسع في العالم العربي والعالمي، فكان الكل لنا وكنا جزءا منه، فهو جواهري الكل شعور لا يختلف عليه ذوو الألباب.
يغازل سفح المهجر سفح دجلة، يحييه أبناء العراق بصوت شاعرنا الخالد، من على أعتاب البعد والشوق.
لقد تعهد العراق المصغر (منتدى الجامعيين العراقي الاسترالي) على تكريم نهرنا الثالث بمهرجان سنوي يتوسم بإسمه، ومن خلاله تعقد دورة كل عام، تكرس احتفاء بأحد فرسان الكلمة، وكانت هذا العام من حصة الشاعر سركون بولص. إلا أن الجديد الذي انسابت له أمواج دجلة بكرمها، أن تكرم الكلمة المغتربة، ويشار لها بالعرفان والتقدير، نتيجة العمل المتواصل لبانوراما على مدى عشر سنوات من الصحافة العراقية الحرة المغتربة، فاستعاض العراق كله بالمنتدى، ليكرم ابنته الوحيدة التي قادت دفة الصحافة في بحار الغربة وأمواجها الهائجة.
إنه الانصهار الجمعي لتكوين الصرح التاريخي الواحد للعراق، فيكون التكريم لنا جميعا لأن بانوراما جزء منكم، وهي نافذتكم العراقية التي تطل على نخيل الوطن.