إن لم تكن هناك أذن صاغية، فكيف للحوار أن يأخذ مداه ويتم التعامل معه كنقاش هادئ، دون تعصب لرأيٍ معين أو عنصرية مقيتة؟
إن الحوار مطلب مهم في الحياة بشكل عام وفي السياسة بشكل خاص، إذ يتم من خلاله التواصل بين الأطراف المختلفة، للاستماع الى جميع الأفكار وفهمها وتحليلها والتوصل الى اتخاذ قرار صائب بشأنها.
كذلك يُستخدم لتسليط الأضواء عما خفي من طرف عن الآخر، لتتكشف الحقيقة التي ترضي المتحاورين.
وإن تحاورنا، نتمنى ألا يأخذ الحوار أقصاه فيصبح سجالا لا نفع فيه، او جدالا يخاصم به من أجل إشغال الرأي العام عن بيان الحق ودلالاته، ويبعد العقول عن رجحان تفكيرها الإنساني، ويقربها الى التزمت بالرأي الأحادي، والانصياع له ضمن مؤثرات خارجة عن الإرادة الذاتية، متأثرة بعوامل التحريك المناقضة للفهم الواعي الهادف الى تشذيب الحوار عن فتائل التعصب.
إن الحاجة الى الحوار ليست بالضرورة أن تكون متأتية من قلة الحيلة، وفقدان عوامل تنفيذ الرأي بالقوة على أرض الواقع، دون الأخذ بنظر الحسبان الأطراف الأخرى المتأثرة.
إننا بحاجة للاستقلالية التامة التي توازِن بين حاجة الجميع للمشاركة والتفاعل، من أجل معالجة المشكلات التي تواجه المواطن العراقي باختلاف رقعته الجغرافية التي يتواجد عليها.
إن انتماءنا الى تاريخنا يدعونا الى تقوية القيم والأخلاق التي أنشأتها الحضارات المتعاقبة على أرض الرافدين.
نحن شعب لا يغلق باب الحوار الذي يجيده على كل المستويات بضمنها الاجتماعية والسياسية.
نحن شعب يقوم الأفكار السلبية الطارئة، ويعالجها كي لا تداهمنا الأفكار الخارجية التي تشحذ الهمم من تحت رماد التعصب، فتوقد نارا بهبوب ريح التأجيج، ما تؤدي الى غلبة لغة التهديد المؤدية الى التدهور، وتمزيق النسيج الذي تحيكه برقة العاطفة الوطنية الموحدة.
إن ما يحصل من تأجيج في الموقف السياسي العام في العراق فيما يتعلق بمسألة الاستفتاء الخاص بانفصال إقليم كردستان، بحاجة الى طاولة حوار لدفع الشبهات، ودراسة وجهات نظر جميع الأطراف حِيالها، كي تتحقق النتائج التي من المؤكد أن يكون تأثيرها أفضل من نتائج التأجيج والتقليل من شأن الآخر.
نحن بأمس الحاجة الى تجنب إثارة غضب اي من الاطراف، والاستهزاء به والتقليل من شأنه، لأن ذلك طريق الى زيادة شرخ التباعد، وشق الخلاف، وتحفيز الرأي العام الى تبني فكرة الانتقام، التي قد تصل الى مرحلة تخرس فيه الأفواه وتنطق خناجر الاقتتال.