بعيدا عن الضيق، قريبا من افق التأمل،
يتربع سراب القلق، يحجب ما خلفه،
يتمايل مع حركة المحيط.
المحيط ثابت وخداع المدى يهز الأفق.
إنها فوضى هادئة رغم الامواج الممتدة على مساحة النظر.
لا حياة لكل الصرخات،
يكتمها تكسرها على حافة الرحيل.
الأرض مهد مهترئة خشباته،
يتراجف صريره، يصم السمع، ويتوقف الزمن.
تنطبق على أضلع المعاناة جدران يشققها الارتجاف.
الأموات في ذهول يتساءلون، أنموت مرتين؟
يصرخون من هول الموت الجديد،
هل للموت من جديد؟
فزع، ذهول،
وجوه شاحبة، يستنشقون الموت كل لحظة.
جوعى يتسكعون بين الأزقة والشوارع،
يبحثون عما يسد رمقهم،
ويتسكع الموت معهم،
يبحث عما يسد به جشعه،
هاربون الى السراب الفاصل بين الضيق والأفق الغائب.
وعلى مسافة من تفتح الأوراق،
يغيب الربيع، وتدلهم السماء،
يرتل منها صوت رخيم:
"إذا زلزلت الأرض زلزالها"
فتخرج الأرض اثقالها،
أثقال فوق هموم أثقال،
ترقص الشقوق في زفة الأحزان، تتأوه وجعا
تتمايل الأحلام، ثملة من فاجعة الاهتزاز،
الصمت يأتي بالأنين من تحت الركام،
فقدان لا صدى فيه
والعيون شائهة، لا مستقر لها،
النور حمل حقائبه بلا وداع،
الأموات يعودون أمواتا يتسكعون في المقابر المنتشرة،
علهم يعودون،
وترتفع الأكف يمامة، يحيط جناحاها أرض السلام،
ترتل السماء أبيات الوداع،
وتبقى الأرض مهدا للنور والابد.