الجاه رفعة ومنزلة وكرامة، وليس بطونا ممتلئة وجيوبا متخمة لا تعرف الشبع، يتلى على رؤوس أصحابها الذكر الحكيم، ويصنع لهم المشعوذون أحجبة الاختفاء وطرد الجن والحماية من المس.
إنهم عن البشر مختلفون، مخلوقون من طين لازب، عائثون في الأرض فسادا، لا يحكمهم قانون، ولا يزعهم ضمير.
عجبي عندما يهذر البلهاء، يلوذ بالصمت البلغاء، فالزمن مختلف لا ينبلج فيه صباح كي يسكت النباح.
ويستمر مهرجان البراءة تحت عباءة القضاء المباع، يصيح حاجب المحكمة، الوزير بريء، تسقط عنه كل التهم، فهو لم يسرق ولم يفسد ولم يدفع الملايين باتفاقات سرية من أجل تلك البراءة المشتراة.
يغلق الملف، تفغر الأفواه عجبا، وتصفق الأكف حيرة وحسرة.
يطرق القاضي مطرقته، يصمت الحضور كأن على رؤوسهم الطير.
حكمت المحكمة حضوريا بإسقاط التهم عن ابن المسؤول الفلاني، هو لم يكن مع عصابة لتهريب المخدرات، ولم يزوّر هويات، ولم يرتدِ زيا ويحمل على كتفه رتبات.
إنه بريء وما نقل عنه عبر الأثير كان برنامجا للكاميرا الخفية، أريد من ورائه تسقيط والده سياسيا!
ويستمر مهرجان البراءة كالكابوس الثقيل يلقي بحمله على العيون التي أذبلها البكاء وطول الانتظار، بينما يعتمر المجرمون طاقيات الإخفاء.
يسرحون ويمرحون بلا حدود تحت حصانة البراءة التي يُزاد عليها وتباع.
وتبقى الأفواه فاغرة على امتداد وطن الجاه والفاه.