منذ أن وطئت قدماي أرض استراليا، مهاجرة جديدة في بلد قرأت عنه الكثير وسمعت مختلف الآراء حوله.. اتيت وانا احمل الاعجاب، بتجربة الحكومة الماليزية في الاعمار والبناء، واستقطاب الشهادات والخبرات من مختلف دول العالم، لتبني اقتصاد دولة قل نظيرها، واصبحت تجربة اتخذتها الدول المتطلعة لإسعاد شعوبها إنموذجا، وايضا تجربة دبي الاقتصادية التي اصبحت قبلة الاعمار والابهار..
في استراليا كانت الحكومة التي تدير شؤون البلاد ليبرالية، يرأس وزراءها السيد جون هاورد، إذ ترأس الحكومة منذ عام 1996 ولغاية عام 2007 والتي تعتبر المدة الأطول لرئاسة الوزراء في تاريخ أستراليا، بعد السير روبرت منسيز.
عندما وصل سدة الحكم، كان يعرف ما يريد صنعه من أجل الشعب الأسترالي، الذي عانى ما عاناه من ارتفاع نسبة البطالة وزيادة الفوائد المصرفية التي وصلت الى أكثر من 21 بالمائة. لذا اعتمد بل اعتنق مبدأ اقتصاديات السوق الحرة، للخروج بالبلاد من أزماته الاقتصادية الخانقة.
ليس الموضوع أن أتحدث عن إيجابيات سياسته الاقتصادية بشكل تفصيلي، فالمقام يطول لكن، وجدتني أركز على خطوة جريئة قام بها، أنعشت الاقتصاد، خفضت البطالة، طورت البنى التحتية وأسعدت الشعب الأسترالي، في الوقت الذي كانت الأزمة المالية الآسيوية، في العام 1997، تلف بحبالها على رقاب الدول مبتدئة بتايلند، منذرة بانهيار اقتصادي عالمي، كان حصة أستراليا منها السهر والحمى وأزمة دولية مخيفة.
حينذاك اصبح الركود الاقتصادي اساس معاناة الشعب، وأصبح الدولار حبيس الجيوب والبنوك، لا يخرج من مخبئه الاّ للشديد القوي.
وفي التفاتة لعملية حسابية ذكية، أقر هاورد نظاما ضريبيا جديدا خاصا بالسلع والخدمات “GST”بنسبة 10 % على كل ما يباع من خدمات وسلع، تدخل لميزانية الدولة..
تذمر البعض، وتساءل البعض الاخر، وأين الحل في هذا وهو يثقل كاهل المواطن بضريبة لم تكن على باله؟
الجواب أنه منح كل من أشترى بيتا جديدا مبلغا مقداره 14 ألف دولار، مع اعفاء من دفع ضريبة التسجيل، ما دفع معظم المواطنين الى شراء البيوت الجديدة، التي ازداد عليها الطلب فتحركت عجلة الاعمار.
وبهذا أصبحت شركات البناء كخلايا النحل، قبل بزوغ الشمس، تشيد أجمل البيوت والمجمعات السكنية المباعة سلفا، بينما الدولة تشق الطرق وتبني الجسور وتدعم البنى التحتية.
هكذا تدهش التجارب التي تبني الاوطان وتنعش الشعوب..
فأين نحن منها؟