الشماتة فعل وكلمة تم تداولها بكثرة في الأيام التي تلت إعلان نتائج الانتخابات. وهي عبارة عن إظهار الفرح الشديد لانتكاسات بعض النواب في كسب أصوات الناخبين للوصول الى قاعة البرلمان.
إن ظاهرة الشماتة متأتية من حقد وعداوة مبطنة لأشخاص بعينهم، نتيجة عدم الرضى لأداء أولئك النواب، وسوء فعلتهم وإساءتهم لصوت الناخب من خلال اهمال طموحاته الانتخابية التي وضعها في صندوق الاقتراع ولون سبابته بحبرها الأزلي.
ولكوننا نختلف من ناحية التقدير لهذه الظاهرة، فمنا من يقف معها في هذه المرحلة تحت عنوان "يستاهلون" ومنا من يخالفها ويدعو الى عدم انتشارها، لأن الخاسرين في الانتخابات هم من لم يحققوا مطلبا من مطالب الشعب، أو كانوا سببا في انتكاسته وحرمانه من أبسط حقوقه، لذا كان لزاما عليهم النزول من سدة القرار، والعودة الى الوسط الجماهيري بلا ضجة، ولا تبرير سوى أن الشعب لا يريد تكرارهم ولا يتمنى إعادة تدويرهم.
كنت يوما في طريق العودة الى سيدني، قادمة من طوكيو، وفي المطار، واذا بشخص أمامي مع عامة الناس، كنت قد رأيته سابقا.
وعندما أمعنت النظر فيه عرفت أنه رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز السابق، الذي ضجت القنوات الإخبارية بأخبار استغلال منصبه في استلام هدية، والتي اعتبرها القانون "رشوة" ما دعا الى استقالته.
بكل بساطة في اليوم التالي، عاد كما كان مواطنا عاديا، بلا سلطة وبلا شامتين وبلا اهتمام من عامة الناس، سوى أنهم يرمقونه ببعض النظرات التي تثير الاعتراض على فعلته.
ما زلنا بعد عقد ونصف من التجربة الديمقراطية، نزاول سلطاتنا التي تتعدى حدود الإنسانية والنبل البشري ونتمدد بأطوالها، يعترينا التهاوي في إدراك ما يكره سماعه.
إن الخاسرين في الانتخابات لم يكونوا ملائكة لا تعرف الزلل ولا ترتكب الخطأ، بل إن إيغالهم بهما أدى الى وقوعهم بما لا تشتهيه أنفسهم لهم.
وبدلا من الشماتة، نطلق صوتنا للفائزين بالانتخابات أن يتخذوا العبرة ممن سبقهم فالفلك دوار، والسياسة فن الممكن..
وتبقى الحكمة تقول:
لو دامت لغيرك ما وصلت إليك.