على مدى سنوات طوال، كان الزعيم الكوري كيم يصف الرئيس الأمريكي ترامب بـ "أميركي عجوز مجنون"، وفي ليلة وضحاها، يتحول الزعيم الكوري من "رجل الصواريخ الصغير" الى الرئيس الـ “موهوب جدا" من وجهة نظر ترامب.
وما بين الشد والجذب بين الدولتين، لم يكن متصورا عقد قمة بين زعيميهما، بل وصل درجة المستحيل في عهد الـ “أميركي عجوز مجنون" بعدما كان صعبا عقدها خلال عقود توالى فيها ثلاثة زعماء على قصر الحكم في بيونغ يانغ.
لقد صعد ترامب "العجوز" العداء ضد الزعيم الكوري، وتكفل بتوجيه التهديدات والشتائم بنفسه، ليبادله كيم "الصغير" التهديدات ويرد على شتائمه بأسوأ منها.
فهل كان النزاع بين جيلين مختلفين؟ أم ثقافتين! أم أمتين يتزعم كل منها رجل بوعي مختلف!.
ما كان ليعقل يوما أن يصافح الزعيم الكوري من كان يصفه بـ "المختل عقليا"، ولم يخطر على بال أحد، أن عنجهية ترامب وصراخه الذي أبح صوته ضد كوريا، تتمرغ في وحل التنازل للقاء زعيمها الذي كان في الأمس "مجنون" مهددا بتلقينه درسا بالنار!.
لقد استطاع الزعيم كيم كسر شوكة العنجهية الأمريكية، عندما أيقن ترامب أن البر الأمريكي أصبح تحت مرمى الصواريخ الكورية، وأن الزر النووي موجود دائما على مكتب كيم كأمر واقع وليس ابتزازا.
هذا الواقع سارع بأمريكا الى الموافقة على عقد قمة ثنائية بين البلدين، وصفها جيفري لويس الخبير في مراقبة الأسلحة لدى معهد ميدلبيري للدراسات الدولية بالقول:
"كيم يدعو ترامب ليبرهن أن استثماره في القدرات النووية والصاروخية، أرغم الولايات المتحدة على معاملته على قدم المساواة".
لقد اهتم خبراء لغة الجسد بمحاولة الرئيس الأميركي إبداء هيمنته، بأن مد يده أولا ثم ربت على كتف الزعيم الكوري الشمالي، فما كان من كيم إلا أن أمسك بيد ترامب بقوة ونظر في عينيه قبل أن يُنهيا تصافحهما ويواجها الإعلام.
ورغم إيجابية أصداء القمة، إلا أن الزعيم "الصغير" سيبقى حذرا من الأميركي "العجوز"، خاصة أن روسيا حذرت من أن “الشيطان يكمن في تفاصيل القمة".
وانا كذلك مازال القلق يساورني بخصوص صفاء النيات وحسن الظنون، لان ترامب لا وعد له ومازال كيم صغيرا.. وعلى كل، هي بداية لإنهاء حرب باردة بين دولتين مهمتين، وأراها أسهل بكثير من حل مشاكل القوائم الانتخابية والتزوير وحرق الأصوات، في جمهورية العراق المبتلاة.