إن فرضية نهاية الكون تشير الى نفخ الملك إسرافيل بآلة الصور، فيصدر صوتا موسيقيا يفزعنا ثم يصعقنا للموت حتى نفخته الثالثة التي تبعثنا للنشور.
فلماذا اختار الخالق هذه الآلة وخلقها قبل ان يخلق بني ادم؟
هل لأهمية الموسيقى في حياتنا وموتنا؟ أم أنها رسالة تثبت أن الآلة الموسيقية ربانية بامتياز!.
يحدد الباحثون زمن ظهور الموسيقى مع بداية الحياة على المعمورة، عندما أطلقت حنجرته نغمات موزونة على إيقاع تصفيق يديه، كما كان يفعل الراحل داخل حسن عندما يوازن بكفيه ومسبحته إيقاع اللحن ووزنه. بينما يشير المؤرخون الصينيون الى نشأة الموسيقى قبل وجود الانسان على الأرض.
فالإنسان تعلم الموسيقى من الطبيعة وقلدها بإبداع.
الطبيعة بجمالية خلقها موسيقى هادئة تبعث الاطمئنان والراحة النفسية، بينما تصدر الأصوات من مكوناتها كصوت خرير الماء وتغريد البلابل ورفيف أجنحتها.
ومن بين أسس الموسيقى العلاقة التي تنشأ بين الأم وطفلها عندما تهدهده. فعندما تودعه لساعات النوم تبدأ ترنيمتها الغنائية الموزونة: "دللول يا الولد يا بني دللول، عدوك عليل وساكن الجول". أنها اللحظة التي يكتسب فيها الطفل الادراك الموسيقي، وهي اللحظة التي يكتسب من خلالها ارتباطه بالعالم الخارجي، بحزنه أم بفرحه.
ويقال ان الموسيقار بيتهوفن، كان يمضي وقتا طويلا في الطبيعة بكل مكوناتها، ويحمل القلم والورقة ليسن ألحانه المستقاة من أصل الطبيعة. وهذا مؤشر أكيد الى أن الموسيقى رفيقة الانسان، من مولده الى حين ما ينفخ بالصور.
ومع ارتقاء الإنسان تبدلت آلاته الموسيقية القديمة، لتصبح أكثر حداثة لتشبع الذائقة والحاجة الروحية الى الموسيقى التي توحد العالم مثلها مثل الهواء والسماء، فكيف لعزف نشيد وطني بآلة موسيقية في محفل مهم يثير الثورات المصطنعة، وكأن فرحة الجمهور أثارت الغيظ والغضب الوهمي للمتصيدين في ماء السياسة العكر.